تحدثنا في الجزء الماضي عن ماهية التسويق الانتخابي،
وسوف نتناول في هذا الجزء أهمية التسويق الانتخابي في حياتنا المُعاصرة.
ونتفق جميعًا على أن السلطنة -ولله الحمد- بفضل الرؤية
الحكيمة لمولانا السلطان المُعظم، تسير في اتجاه التطوير والتحديث في مجال توسيع مفهوم
الديمقراطية وفق الخصوصية العُمانية.
والانتخاباتُ التنافسية في بلادنا أصبحت تأخذ واقعها
المُعاصر لتقديم شخصيات مُؤهلة ومُؤثرة وفاعلة تُمثل الأمة في عملية صُنع القرارات
الوطنية، وصُنع الحضارة، وتحقيق التنمية الإنسانية.
كما أن عملية خوض الانتخابات ليست بالعملية السهلة
كما يظُنها البعض، وهي في الوقت ذاته ليست بالمسألة المعقدة، مادام صاحبُها استعداد
جيدًا، وبتنظيم مُتقن، ورؤية واضحة، وهدف سام لخدمة الوطن والمُجتمع.
إذن، الانتخابات هي عملية اجتماعية إنسانية تنافسية
تتطلب جهدًا فكريا يعتمدُ على التخطيط العلمي المدروس، وبما يتوافق مع ثقافة المُجتمع
وتطلعاته المُستقبلية، خاصة وأن المُجتمع العُماني أصبح اليوم يمتلكُ الخبرة المُتراكمة
والمعرفة المُتجددة في هذا المجال، وأصبح مُطلعا وقريبًا مما يدُور حوله في ظل السماوات
المفتوحة وعصر المعرفة والتكنُولُوجيا والمعلُومات.
لهذا؛ فإن الاستعداد والتخطيط الجيد، والتهيئة المناسبة
للمترشح في الانتخابات -مهما كانت أهداف تلك الانتخابات وأغراضها ( مجلس الشورى، مجلس
البلدي، مُنظمات المُجتمع المدني)- فهو مطلب مُهم لتحقيق النجاح والهدف المنشود.
ويُمثل التسويقُ الانتخابي أحد المفاهيم المُعاصرة
لبناء قاعدة صحيحة للمُمارسة الديمقراطية، وأصبح مطلبًا مُهما في عصرنا الحالي، وتطبيقه
وفق أسس ومفاهيم علمية، ووفق نُظُم وقوانين وقيم وثقافة المُجتمع سوف يُسهم في تدعيم
جُهُود التجديد والتطوير لأسلوب الحياة المُعاصرة الداعمة بقُوة لغرس قيم الشورى في
مُختلف المجالات، كما أنه يُعد عاملًا مساعدًا في نجاح ومصداقية وموضُوعية ونزاهة العملية
الانتخابية، ومقياسًا لتقدم وتطور المُجتمع.
ويسهم أيضًا في ضمان انتخابات منصفة وعادلة تؤدي إلى
انتقاء عناصر وطنية مؤهلة وقادرة على حمل الأمانة، وتؤدي دورها بكفاءة وفعالية تجاه
تمثيل المُواطنين في مُختلف مواقع العمل الوطني والمُشاركة في بناء الوطن.
وهُنا.. يجبُ أن يُدرك المترشح في بداية الأمر -وقبل
إقدامه على الترشح لأي تمثيل نيابي- المسؤُوليات المترتبة التي عليه القيام بها، فعملية
تمثيل الآخرين أمانة عظيمة ومسؤُولية كُبرى أمام الله وتجاه الوطن والمُجتمع؛ فعملية
الترشح ليست أمرًا تشريفيا بقدر ما هي أمرٌ تكليفي ثقيلُ التبعة والمسؤولية أمام المُجتمع.
لهذا؛ عليه تقييم نفسه قبل تقييم الآخرين له، ومتى
ما رأى نفسًه أنه يمتلكُ القدرات والإمكانات والخبرات لخوض الانتخابات، فعليه إعدادُ
نفسه لهذه الخُطوة، وتسويق نفسه والرؤية التي يتطلع إلى تحقيقها، وذلك وفق منهجية علمية
يسُودُها الصدق والشفافية والصراحة والوُضُوح. وهُنا، تكمُن الأهمية الكبيرة للتسويق
الانتخابي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.