الثلاثاء، 5 فبراير 2013

في كُل كبد رطبة أجرٌ

مُنذ سنوات ليست بالقصيرة، سكنتُ مُؤقتا بمنطقة القرم -فترة الإيجارات في متناول اليد- وكانت بجانبنا عيادة بيطرية ترتادُها الحيوانات من الدرجة الأولى؛ حيث يأتي بها أصحابها بسيارات فارهة، المهم في أحد الأيام، وعندما كنت عائدًا إلى السكن، استوقفني مشهد غريب، وهو وُجُود أحد الشخصيات ملامحه من إحدى الدول الأوروبية، ويرافقه عامل من جنسية عربية، يحمل بيده عصى طويلة في طرفها شبكة.
طلبتُ منهما السماح للتحدث إليهما، والتعرف على شخصيتهما، والمُهمة التي يقومان بها بالقرب من السكن؛ حيث أشارا إلى أنهما عُضوان في جمعية الرفق بالحيوان، ويقومان بصيد القطط والتوجه بها إلى العيادة القريبة، وإخضاعها لعمليات جراحية؛ حيث يتم استئصال رحم الأنثى وخصي الذكر، وعند سؤالي عن أسباب ذلك؟ تم الرد بأنَّ هُناك إهمالًا من المُجتمع لهذه الحيوانات، وعدم العناية والرفق بها، والكثير منها تتعرض للدهس من قبل السيارات دُون عناية ولهذا نقوم بذلك للحد من تكاثرها.
وقد طلبتُ مِنهما الكف عن هذا التصرف، حتى لا يكُون هُناك خللٌ في تكاثر هذه الحيوانات، وديننا قد أوصانا بالرفق بكل شيء في هذه الحياة. وقد تحدَّثتُ هاتفيًّا مع أحد المسئولين بوزارة الزراعة عن هذا الأمر.
الأمر الذي استوقفني قريبًا أيضًا ذلك الرجل الذي يقفُ على الشارع البحري بمطرح، وهو يُطعِم تلك الطيور الجميلة المهاجرة؛ وذلك المنظر البهي للطيور وهي تُحيط به، تحدثتُ معه عن هذا التصرف الإنساني، وقد أخبرني بأنه يقوم بهذا يوميًّا؛ حيث يشتري من ماله بعض الخبز، وينثره على هذه الطيور؛ وبذلك يشعر بسعادة غامرة في نفسه.. فالرفق بالحيوان أصبح مطلبًا إنسانيًّا وحضاريًّا في هذا الوقت، وصدق الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "في كُل كبد رطبة أجرٌ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.