يعتبر عُلماء الفكر الإداري الحديث أنَّ دوافع
الفرد أو الجماعة تجاه العمل والإنجاز هو نتاج سلوكي، ورغبة في إشباع حاجاتهم؛ وذلك
ما فرضته نظرية "ماسلو"، وفق تسلسله الهرمي للحاجات؛ حيث قسَّمها لحاجات
فسيولوجية (أساسية)؛ مثل: الحاجة إلى الطعام، والماء، والنوم، والمسكن، والملبس، والراحة،
والاسترخاء... وغيرها من الحاجات الأساسية للعيش الكريم.
وحاجات الأمن والأمان؛ مثل: حاجة الفرد إلى السلامة
الجسدية، والأمن الوظيفي، والأمن الأسري، والشعور بالاطمئنان، وعدم التعرض للخوف
والخطر أو التهديد. وكذلك الحاجات الاجتماعية؛ مثل: حاجة الفرد للشعور بالحب، والصداقة،
والعلاقات الأسرية، والانتماء لمجمُوعة العمل. وحاجات التقدير والاحترام؛ وتتُمثل
في: حاجة الفرد إلى الشعور بالاحترام وتقدير الآخرين على الإنجازات. وأخيرا، هُناك
الحاجة إلى تحقيق الذات؛ وهي تدعو إلى إنجاز المهام بطريقة مبتكرة وإبداعية، وتتطلب
تمكين الفرد وتفويضه، وتشجيعه على التجديد والابتكار والتفكير الإبداعي.
الإسلام سبق "ماسلو" ورفاقه في تحديد الحاجات
والدوافع الإنسانية وفق فهم دقيق لأسرار النفس البشرية، وأوجد علاقة بين أهمية
الحاجة وحُرية الإرادة والمُستوى النفسي للفرد، وطالبه باحترام ذاته وفطرته
ومُقوماته وضبط طبيعته المزدوجة والمتناقضة؛ لكونه كائنًا مسؤولًا عن مصيره
وتصرفاته، وتحمُّل تبعات الأمانة الملقاة على عاتقه؛ لأنه خليفة الله في الأرض.
فتجد الكثير من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية
الشريفة التي تناولت الحاجات المادية والروحية والفكرية والنفسية للإنسان، وهي
تتضمَّن كافة أنواع الحاجات، وتدرجها في هذه الحياة، ووازن بين مُتطلباته الجسدية
والروحية لضمان سلامة الدنيا وسعادة الآخرة، وجعل له القنوات، وحدَّد له الأطر
الشرعية لإشباع تلك الحاجات، وجميعها مُحرِّكة للدوافع والسلوك، ويُؤكد عليها
عُلماء هذا العصر، ويكفي أنَّ علاقة الإنسان بربه هي الطريق الأسمى لإشباع الحاجات
الروحية للنفس المطمئنة، ومن خلالها يمكنه أن يستعين لتحقيق الحاجات الأخرى.
ولتفعيل هذا التوجه، يجب التأكيد على ضرُورة دراسة
وفهم حاجات الأفراد عند التخاطب أو التعامل معهم؛ بهدف تحفيزهم ورفع دافعيتهم،
ومراعاة مبدأ الفروق الفردية فيما بينهم، فهم بشر وبطبيعتهم هم مُختلفون؛ فمشاعرهم
مُختلفة، وفكرهم مُختلف، وتوجهاتهم مُختلفة، وكذلك هي حاجاتهم وطمُوحاتهم.
فالحوافز التي تُرَاعي حاجات الفرد لها تأثير
مباشر على نمط السلوك الذي يتبعه الفرد في أدائه لعمله، وهي قوة خارجية لها تأثير
سحري إذا ما أُجِيد استخدامها على الارتقاء بمُستوى الإبداع والابتكار وتحسين
الأداء وتحقيق الغايات والأهداف.