هجرة المُصطفى -عليه الصلاة والسلام- من مكة إلى
المدينة فيها من الحكم والدرُوس والعبر الكثير. فكان من المُمكن أن ينقل اللهُ رسُوله
الكريم من مكة إلى المدينة بالبُراق كما نقلة من مكة إلى بيت المقدس.
ولكن حكمة الله اقتضت أن تكُون هجرتُه -عليه
الصلاة والسلام- بمثابة مدرسة عظيمة لأُمته في مُجابهة صعاب الحياة، ومُواجهة
المواقف الطارئة والأزمات والتكيف لظرُوفها، والصبر على بناء الأُمة المُوحدة
ومُتطلباتها، وليكُون -عليه الصلاة والسلام- قُدوة للإنسانية جمعاء في إدارة الأمة.
ويأتي على رأس هذه الدرُوس الاعتماد على الله
والتوكل عليه والثقة في نصره. ومن خلالها تتعلم البشرية كيف تكُون القيادة وما
تتطلبه من تفكير عميق، وتحليل منطقي للواقع وللطبيعة البشرية، ورُؤية إدراكية للأُمُور
وأبعادها.
وهذا ما جسده -عليه الصلاة والسلام- في التخطيط
المُحكم والتنظيم الفعال، والتنسيق الناجح لمُجريات الهجرة، مُؤكدًا أن بُلُوغ
الأهداف ليس بالأمر اليسير، وإنما تحتاجُ إلى فكر مُستنير، وعمل دائم، ومُثابرة
أكيدة، وصبر مُستمر.
وقدم -عليه الصلاة والسلام- درسًا للبشرية في
اختيار البطانة الصالحة، التي إذا كُلفت بأمر أدت مُهمتها بحُب وعطاء والتزام وورع
وتقوى، وأداء الواجب بمسؤُولية وأمانة وإخلاص وولاء، وبيقظة وقُوة وحزم.
وهذا ما يُؤكده اختيارُه السديد -عليه الصلاة والسلام-
لأبي بكر الصديق -رضي اللهُ عنه- ومن عاونهما في إنجاح خُطة الهجرة، فكانُوا خير مُعين
على تحقيق أهداف الهجرة وفق ما خُطط لها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.