يوم الأربعاء الماضي، الموافق 15 أبريل 2015م، تشرفتُ
بالمُشاركة مع فريق من شباب الوطن ضمن لجنة شُكِّلت للإشراف على أول انتخابات
لتشكيل مجلس إدارة الجمعية العُمانية لذوي الإعاقة السمعية في سلطنة عُمان.
هَذِه الجمعية التي تمَّ تأسيسها بموجب قرار وزاري
من وزارة التنمية الاجتماعية، وعلى ضوء جُهُود مخلصة قام بها أهل الفضل والخير من
أبناء هذا الوطن العزيز، الذين أدركوا بحِسِّهم الوطني والإنساني إلى أهمية
الالتفات لهذه الفئة المُهمة من المُجتمع، وضرُورة العمل على فتح آفاق المُستقبل
أمامها للمُشاركة في مسيرة البناء والتنمية في البلاد، وقد تحقق لهم ما أرادوا
والحمد لله.
سَبَق يَوْم الانتخابات تحضيرات عديدة ولقاءات
مُستمرة وجُهُود مشتركة، وكان اتفاق الرأي على أن يتم تنظيم الانتخابات بطريقة
عصرية ومنظَّمة، وهي فُرصة لهدف أكبر، وهو ترسيخ هذا المفهُوم في عقولهم وفكرهم
ووجدانهم، وتكوين صُورة ذهنية واضحة لماهية الانتخابات وأهميتها، وكيف يتم اختيار
الشخص المناسب للمكان المناسب.
فكانت البداية بعقد لقاءات تعريفية استهدفت ذوي
الإعاقة السمعية على مُستوى السلطنة، قام بها أعضاء الفريق، وصاحبها إرسال رسائل
مُتعددة عبر وسائل الاتصال المُختلفة، وكانت لغة الإشارة إحدى الطرائق المُهمة
لتوصيل المعلومة، وقد نجح الفريق في ذلك.
بعدما فُتِح باب الترشح للانتخابات، تقدَّم للترشح
للانتخابات 25 شخصا للتنافس على عضوية مجلس الإدارة، المكوَّن من 12 فردا، كان هذا
الإقبال بمثابة بداية مُوفَّقة لمعنى التنافس في الانتخابات، وهو في نفس الوقت أدخل
في نفوسنا السعادة والسرور، خاصة في ظل ما نراه في الكثير من مُؤسسات المُجتمع
المدني الأخرى. وفي فترة الترشح لمجلس الإدارة، اهتمَّ المرشحون للانتخابات في
الدعاية عن أنفسهم، وكان بينهم اتصالات كثيفة، وهذا ما أبهر الجميع!
حدَّد الفريق مقرَّ الجمعية العُمانية للمرأة العُمانية
بالقرم مقرًّا للانتخابات، وقد تجمَّع فريق العمل من الساعة الثالثة بعد الظهر،
وسارت الأمور التنظيمية في مسارها الطبيعي، كما خُطِّط لها، بفضل تعاوُن الجميع.
كُنَّا نتوقَّع أن يحضر هذه الانتخابات عددٌ قليل،
وإلا وكانت المفاجأة الكبيرة بأنَّ جمعًا من ذوي الإعاقة السمعية في السلطنة قد
توافدوا جماعات من أجل المُشاركة في عملية التصويت، وكان من بينهم رجال من مُختلف
الأعمار، وكذلك نساء، ومنهن من قَدِمن وفي حُضنهنَّ أطفال صغار، رغبة في المُشاركة
في هذه الفعالية الرائعة.
اللَّجنة المنظمة كانتْ مُستعدة لهكذا موقف؛ لهذا
فقد قسمت العمل، فكان هُناك من يستقبلهم ويشرح لهم سير إجراءات الانتخابات، وهُناك
من يُدوِّن الأسماء في سجل الانتخابات، وهُناك من تولَّى صَرف استمارات التصويت
بأرقام مُتتالية، والتي تحمل أسماء وصور المترشحين، وهُناك من يعمل على تنظيم
الدُخُول لقاعة التصويت، وشرح إجراءات التصويت باستخدام لغة الإشارة.
قاعة التصويت تمَّت تهيئتها بطريقة مشابهة
لانتخابات مجلس الشورى؛ بحيث يُتاح للناخب أن يختار الأسماء لمجلس الإدارة بكل حُرية
وشفافية تامة، ومن ثمَّ يطوي ورقة التصويت ويضعها في الصُندُوق الزجاجي الشفاف بنفسه،
وأمام لجنة التنظيم والمراقبين لسير الانتخابات من أعضاء الجمعية والمُجتمع.
بَعْد الانتهاء من عملية التصويت -بمُشاركة عددية
كبيرة وصلت إلى 343 مشاركا من مُختلف ولايات السلطنة- تمَّ إجراء عملية فرز
الأصوات بصُورة علنية أمام المترشحين أو من ينوب عنهم، وكذلك بحُضُور بعض الصُّم
والمهتمين بشؤونهم كمراقبين لعملية الفرز ولسير الانتخابات.
وَكَانَت عملية الفرز أيضًا تتم بطريقة حديثة،
وبمُراجعة دقيقة؛ حيث تم في البداية حصر جميع عدد الاستمارات الموجودة في صناديق
الاقتراع، للتأكد من أن عددها مُطابقٌ لعدد الناخبين المسجلة أسماؤهم في الكشوفات،
ومن ثمَّ بدأت عملية تفريغ الاستمارات من قبل فريقين على لوحات فرز حائطية أعدت
لذلك؛ بما يُعطِي فُرصة لجميع الحاضرين في القاعة لمتابعة عملية الفرز.
وَمِن ثمَّ أُعلنت النتيجة مُباشرة أمام الحضور،
وكان من بين الفائزين ثلاث نساء، وكان من يُمن الطالع أن يُصادف تلك الليلة في
الجمعية حفلة زواج في القاعة المجاورة؛ فاحتفلنا جميعاً، وكان بدل العُرس عُرسين؛ فباركنا
للجميع بهذا اليوم السعيد، شاكرين ومقدرين لكل جهد بذل من أجل خدمة المُجتمع.
وفِي طريق عَودتي إلى البيت من مسقط إلى قُريات، سَرَحتُ
مُتأمِّلا في هجعة الليل وهدوء المساء بمُجريات الأحداث لهذا اليوم، وقد خرجت
بنتائج عديدة؛ من بينها:
1- أثبت أصحاب الإعاقة السمعية أنهم يمتلكون حسًّا
وطنيًّا وإنسانيًّا راقيًا جدًّا.
2- أفرزت الانتخابات لمجلس إدارة الجمعية شخصيات
مؤهلة لقيادة الجمعية، وهذا دليلٌ على أن الاختيار كان دقيقا.
3- هُناك من بَيْن ذوي الإعاقة السمعية من يمتلك
ثقافة عالية تفوق غيرهم من الناطقين.
4- العدالة، والشفافية، والحُرية، وحُسن التنظيم..
طريقٌ مُهمٌّ للنجاح وتحقيق الأهداف وفرض النظام.
والله من وراء القصد...،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.