الخميس، 2 يوليو 2015

التسويق الانتخابي

هذه الصُّورة تعود للعام 1991م، وهي جانب من أول انتخابات أجريت في ولايتي (قُريات) لاختيار أعضاء مجلس الشورى، تشرفت حينها بالمُشاركة في لجنة للتنسيق والتنظيم لهذه الانتخابات، وتظهر صورتي ثانيا من اليمين، الحامل للدفتر والقلم.
سيصدُر لي دراسة في كتاب -قريبا إنْ شاء الله- بعُنوان: "التسويق الانتخابي: بوابة النجاح في الانتخابات.. إضاءات على تطور تجربة الانتخابات في سلطنة عُمان"، وهذا الكتاب الطبعة الثانية، حيث صدرت طبعته الأولى في العام 2011م.

مقدمة الطبعة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين، الصادق الوعد الأمين، سيدنا مُحمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما.
عزيزي القارئ الكريم... عزيزي الناخب؛ عزيزي المترشح/ المرشح
هذه هي الطبعة الثانية من كتاب "التسويق الانتخابي: بوابة النجاح في الانتخابات"، وتأتي إعادة طباعة هذا الكتاب بعد نفاد الطبعة الأولى منه، والتي لاقت -بحمد من الله وتوفيقه- إقبالا طيبا من قبل الجميع، وحظيت باهتمام الكثير من المشاركين في الانتخابات، لا سيما المترشحين والمرشحين لانتخابات مجلس الشورى للفترة السابعة، والتي أجريت في العام 2011م.
فقد حرصت حينها على أن تصل نسخ من هذا الكتاب إلى الكثير منهم خلال تلك الفترة؛ وذلك بهدف التعريف بأهمية التسويق الانتخابي ومفاهيمه وقيمه الحضارية النابعة من قيم المُجتمع والأطر القانُونية المنظمة للانتخابات، وكذلك العمل على نشر ثقافة وقيم ومبادئ إدارة الحملة الانتخابية وفق منظور عصري، خاصة في ظل اتساع الهيئة الانتخابية والوعي المتنامي بالعملية الانتخابية وثقافتها في المُجتمع، والتي واكبها على المُستوى الرسمي والتشريعي تطور ملحُوظ في النظم والأطر القانُونية المنظمة للانتخابات.
والمُتمعِّن في تطور مسيرة تجربة انتخابات مجلس الشورى في السلطنة مثلا، يجد أنها شهدت نقلات كمية ونوعية على مر السنوات والفترات الماضية؛ فمن إجراءات تقليدية في فترتها الأولى ضمن جلسة لعدد محدُود للهيئة الانتخابية، ضمت الشيوخ والأعيان والوجهاء في كل ولاية، توسعت تدريجيا وفق مراحل مدروسة، وُصُولا إلى انتخابات عامة في فترتها الخامسة، شملت كافة المُواطنين رجالا ونساء ممن تتوافر فيهم الشروط القانُونية، وُصُولا إلى صُدُور أول قانُون عصري للانتخابات سيتم تطبيق أحكامه في انتخابات الفترة الثامنة في هذا العام 2015م.
وكَذَلك الأمر فيما يتعلَّق بإجراءات اختيار وتسمية الأعضاء المرشحين لعضوية المجلس؛ حيث شهدت أيضًا نقلات نوعية عكست الرؤية الحكيمة لتوجهات الدولة في ترسيخ مفهُوم المُشاركة الوطنية في مجال صنع القرار وتعزيز مبادئ الديمُقراطية العُمانية، وما بين تلك النقلات الحضارية للانتخابات في السلطنة، هُناك أيضًا حراك مُجتمعي نحو تطوير وتغيير الكثير من المفاهيم والقيم المُجتمعية تجاه عملية المُشاركة واختيار المرشح الكفء في الانتخابات، وهي عملية تراكمية تطورت مع المُمارسة والتعلم.
وَقَد اكتسبتْ تِلك التجارب الانتخابية نضجًا مرحلة بعد أخرى، خاصة بعد الوُصُول إلى مرحلة اختيار أبناء ولايات السلطنة لممثليهم في مجلس الشورى دُون تدخل؛ اعتباراً من المرحلة الرابعة لانتخابات المجلس في العام 2000م؛ حيث أصبحت صناديق الاقتراع مُنذ ذلك التاريخ هي الفيصل في ذلك.
فالتسويق إذن -بمُختلف توجهاته وفُرُوعه- أصبح اليوم يُشكل أهمية كبيرة في حياتنا المُعاصرة؛ وذلك من أجل خلق صُورة ذهنية إيجابية لدى المُواطنين تجاه مُختلف القرارات والتوجهات والخُطط والبرامج بواقعية تامة، ويسهم بفاعلية في تعزيز المعرفة العامة؛ من خلال تسويق المعلومة الصحيحة بطريقة صحيحة، كما أنه لم يعد اليوم ترفا انتخابيا، بل أصبح ضرُورة ملحة، تقتضيها المصلحة الوطنية من أجل إيصال الكفاءات إلى سدة المجالس المنتخبة بطريقة صحيحة وفي إطار منظُومة متكاملة، يكُون هدفها الأول والأخير رفعة الوطن وخدمة المُجتمع والأمة.
ومَع استعدادات السلطنة لدُخُول مرحلة جديدة من انتخابات مجلس الشورى لفترته الثامنة، فقد ارتأيتُ إعادة طباعة هذا الكتاب؛ وذلك بحلة جديدة شكلا ومضمُونا، خاصة وأن انتخابات الفترة الثامنة لمجلس الشورى ستشهد نقلة نوعية في ظل تطبيق أول قانُون عصري للانتخابات في تاريخ السلطنة، والصادر بموجب المرسُوم السلطاني رقم 58/2013 بتاريخ 2013/10/30م، وهو يعد مكملا ويستند إلى ما نصت عليه مجمل التعديلات على بعض أحكام النظام الأساسي للدولة الصادرة بموجب المرسُوم السلطاني رقم 99/2011، والتي تتعلق بالأحكام المنظمة لمجلس عُمان وتوسيع صلاحياته التشريعية والرقابية.
وسعيًا مني لمُواكبة هذه المرحلة المُهمة من تاريخ السلطنة، ومن أجل تعريف القارئ الكريم بالتوجهات الراقية في العملية الديمُقراطية وتطور مراحلها المشرقة، فقد تمت إضافة عُنوان فرعي للكتاب ليصبح عُنوانه: "التسويق الانتخابي: بوابة النجاح في الانتخابات.. إضاءات على تطور تجربة الانتخابات في سلطنة عُمان".
ويتَنَاول الكتاب في عُنوانه الرئيسي مفهُومَ التسويق الانتخابي وتطبيقاته بطريقة سلسة ومبسطة ومختصرة دُون تعقيد في ذكر مُصطلحاته التسويقية والإدارية، أو الدُخُول في اختلافات عُلماء الإدارة والقانُون والسياسة في هذا المجال، فيما يركز في عُنوانه الفرعي على تطور مسيرة الانتخابات في سلطنة عُمان، عبر ماضيها العريق وحاضرها المشرق، مُرَاعِيا في كل ذلك الإيجاز والاختصار دُون التوسع والاستقصاء.
ولعلَّ ما يميز هذا الجانب؛ أنَّ الباحث قد عاصر هذا التطور بنفسه، وعمل في العديد من اللجان التنظيمية للانتخابات، وذلك مُنذ انطلاقتها للمرة الأولى في العام 1991م، وعاصر ما قبلها من تطورات تنظيمية وإجرائية في هذا المجال، وكذلك هو الأمر أيضًا في مُختلف مُنظمات المُجتمع المدني، التي تتُشكل إداراتها عن طريق الانتخابات مُنذ بداية النهضة المُباركة عام 1970م.
وَكَان آخرهُا المُشاركة في لجنة إشرافية شُكلت من أجل تنظيم أول انتخابات لمجلس إدارة الجمعية العُمانية لذوي الإعاقة السمعية في السلطنة بعد إشهارها، وتكلَّلت بنجاح باهر استطاعت الجمعية من خلاله غرس قيمة مضافة لمعنى الانتخابات في وجدان هذه الفئة المُهمة من المُجتمع، وقد نجحت في ذلك، والحمد لله، وأثبت الواقع والمُمارسة أن الكثير من المعوقين يمتلكون حسًّا وطنيًّا وإنسانيًّا راقيًا جدًّا، بل هُناك من بين ذوي الإعاقة السمعية من يمتلك ثقافة عالية تفوق غيرهم من الناطقين.
لهذا؛ فإنَّ هذا الكتاب سوف يحتوي على خبرة تراكمية ومعرفية ومشاهدات واقعية من ميدان حراك العمل الوطني، إضافة للتأهيل العلمي في مجال الإدارة، والخبرة العملية المُتواضعة للكاتب، والتي تزيد على خمسة وثلاثين عاما في مُختلف وظائف الإدارة العامة، والمساهمة في بعض مُؤسسات المُجتمع المدني، والتي كان أطولها في مجلس إدارة نادي قُريات.. وغيرها من المُؤسسات المُجتمعية، ونعد ذلك في المقام الأول واجباً وطنيًّا ومُجتمعيًّا وإنسانيًّا.
حيث تشرَّف كاتب هذه السطور المُتواضعة بأن كان ضمن أعضاء اللجنة المنظمة والمشرفة والمنسقة للانتخابات في دائرته الانتخابية بولاية قُريات للفترتين الأولى والثانية، وهي في حد ذاتها انطلاقة مُهمة وتجربة شائقة ومرحلة مُهمة في إطار تطور ونضوج العملية الانتخابية ونشر مفاهيمها الحضارية بين أفراد المُجتمع، وكذلك هو الأمر في جانبها التنظيمي والإجرائي، والتي تبلورت لاحقا في صُدُور أول لائحة تنظيمية لترشيحات مجلس الشورى في الفترة الثالثة في العام 1997م، والتي أسهمت بفاعلية في تعزيز الثقة والمصداقية والشفافية لهذه التجربة الرائدة في السلطنة.
أضِف إلى ذلك مُشاركة الكاتب في عضوية اللجنة الإعلامية الرئيسية للانتخابات للفترة السادسة على مُستوى السلطنة في العام 2007م، والتي ركزت في رسالتها على نشر الوعي الجمعي لدى أفراد المُجتمع، وتكوين صُورة ذهنية مشرقة لأهمية المُشاركة في الانتخابات ترشحا وتصويتا، وأسهمتْ بفاعلية في عملية التسويق لتسجيل الناخبين في السجل الانتخابي بعد فترة من تدشينه، وكذلك فيما يتعلق بالاختيار الصحيح للشخص المناسب لعضوية المجلس، خاصة بعدما أصبحت صناديق الاقتراع هي الفيصل في اختيار عضو مجلس الشورى.
فقد عملتْ اللجنة الإعلامية وفق رؤية واضحة ورسالة هادفة وأهداف محددة في التسويق للانتخابات، وأخذت بذلك طرائق عدة لتوصيل المعلومة الصحيحة والمُفيدة للمُواطنين، واستخدمت كافة الوسائل الإعلامية، بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي من أجل مخاطبة المُواطنين، وشكَّلت أيضًا فريقَ عمل تشرف كاتب هذه السطور بعضويته طاف مُختلف مُحافظات وولايات السلطنة ومُختلف المُؤسسات والجامعات ومُنظمات المُجتمع المدني من أجل التسويق للانتخابات، ورفع مُستوى الوعي الانتخابي، وعمل على تشجيع وحث المُواطنين على التسجيل في السجل الانتخابي، وكان لذلك تأثير مباشر؛ سواءً في زيادة نسبة عدد المسجلين في السجل الانتخابي، أو زيادة نسبة المُشاركة في العملية الانتخابية في تلك الفترة.
لَقَد جاءت فكرة إعداد هذا الكتاب تزامنًا مع النقلة النوعية التي أجريت على النظام الأساسي للدولة، وتوسيع صلاحيات مجلس الشورى التشريعية والرقابية في العام 2011م، والتي رأيتُ حينها أنه يتوجب معها أيضًا نقلة نوعية في تعزيز الثقافة الانتخابية لدى أفراد المُجتمع؛ حيث أصبح الناخب والمرشح يتحملان مسؤُولية جسيمة تجاه هذا الوطن؛ فنجاح الانتخابات والاختيار الصحيح لعضو مجلس الشورى مُرتبطان اليوم بوعي المُواطنين تجاه هذه الأمانة العظيمة أمام الله والوطن.
إذن؛ هذا الكتاب عزيزي القارئ/عزيزي المرشح سيأخذك في رحلة معرفية للتعرف على تطور تجربة الانتخابات في السلطنة عبر مراحلها المجيدة، وسيسهم -بإذن الله- في توصيل المعارف التسويقية للمرشح وفق أصولها العلمية والواقعية، وهو اجتهاد شخصي مُتواضع يستند إلى مراجع معرفية وتاريخية وعلمية عديدة في مجال التسويق الانتخابي، ويأخذ في منهجيته استخدام الأسلوب الوصفي واتباع المنهج التاريخي والبراجماتي في شقه العملي وعلاقة الفرد بواقعه وبيئته ومُجتمعه ومُستقبله، وهو في واقعه أيضًا خلاصة لجهد نظري وتطبيقي وفكري ظل يلازمني مُنذ سنوات طويلة.
نَأمَل أن يكُون هذا الكتاب قيمة مضافة في حقل المعرفة الإنسانية؛ فهذا هو جهد المقل، فإن حالفه التوفيق فذلك من فضل الله تعالى وتوفيقه وتشجيع المخلصين، وإن شابه بعض النقص والتقصير والنسيان فذلك من طبع كل إنسان، ورحم الله من صوَّب الخطأ وأكمَل المشوار، وآخِرُ دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.