تقفُ شامخة على ذاك النتوء الصخري الصامد، حارسة للبحر والبر في آن واحد.
تفتحُ ذراعيها للمارَّة، مُلوِّحة بتحية المحبة والسلام. تحتضنُ أمواجَ البحر
ليسكن في حضنها بعد فورة غضب. لا يعلوها إلا السماء والنجوم المتلألئة. أفقٌ بعيد
من الزرقة الواسعة على امتداد البصر، مرتعٌ لكائنات البر والبحر والفضاء، ذكرياتٌ
منحوتة على الصخر من أمد بعيد.. تلك الصخور شاهد عيانٍ على ما مضى من الأيام
والدهور، كل صخرة لديها حكاية مع التاريخ والإنسان والجمال. عندما تصغي إليها، تُحدثك
بقصص الأبطال وهم يُقارعون مدافع البرتجيس الغازية، كما تحدثك عن قصة الحب لطيور
النورس البيضاء المهاجرة من أرض الغربة لتستريح في كنف حاكاتها بسلام. ستحكي قصة
طائر العنفوف الذي يسلكُ مغاراتها في هجعة الليل بهدوء وسكون؛ لينطلق إلى فضاء
الكون بحُرية. ستحكي أيضًا قصة صياد استراح في ظلها متوسِّدا غله ومغدفته وغادوفه
بعد يوم صيد وفير. ستُحدثك عن قصة كنعد بن سليم المبهرة، ستتخيل تراقص الأسماك على
حصاة برامة، ستحكي زفة معرس زارها ليفي بنذر أمه، ستسمع زفة التنجيليه والمالد تترَّد
بين كهوفها.. ستحكي حكايات وحكايات عن آمال تُنسج مع شروق كل يوم جديد.
هذه بعضُ الذكريات، والمشاهد، والانطباعات، والمشاعر الشخصية، التي واكب بعضُها منظرًا لصُورة التقطتها من البيئة والطبيعة العُمانية، أو ذكرى من التاريخ والتراث الثقافي انطبعت في الذاكرة والوجدان، أو تأثر وانطباع خاص تجاه موقف أو مشهد من الحياة، أو شذرات من رُؤى ونظرة مُتواضعة إلى المُستقبل، أو وجهة نظر ومُقترح في مجال الإدارة والتنمية الإنسانية.. هي اجتهادات مُتواضعة، من باب نقل المعرفة، وتبادل الأفكار والخبرات، وبهدف التعريف بتراثنا الثقافي (المعنوي، والمادي، والطبيعي)، ومنجزنا الحضاري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.