تقف شامخة؛ مُستقبلة السياح من كل مكان، للتأمل في
ثباتها وقوتها وجمالها وتاريخها المشرق، المحفور في كل جزء من جسمها الخشبي،
المعطر برائحة الساج، وبذكريات تلك اللمسات العُمانية التي صنعتها، وذكريات تلك
الأرواح التي ولجت من خلال فرختيها -محنية أو رافعة الرأس- إلى أسرار ودهاليز
الحياة ومفارقات الزمن.
ما زالت صامدة رغم مُضي أكثر من مائتي عام على أول
يد عُمانية، ثبتتها بين أضلعي جدار طيني، جلبت مدرته من الغافية وطين الراحضي،
وتمَّ حشوه بحصى جبل قشاروه الجيري وصفا وادي مجلاص الناعم الملمس، وتم صبغه
وتشبيعه بنورة بيضاء، مصنوعة من حصى جيري، فتتها مهبة لاضية في المعلاة وعفا والكريب، ولجمال تلك النورة فهي دوما تشع بنور ولون السلام.
هي سِجل تاريخي لأحداث عبر زمن طويل، تُحدثك بها
كلما أصغيت إلى حديثها الشيق المرهف، وركزت في تفاصيلها الدقيقة، وأمعنت النظر في
جسمها الصلب، الذي اكتوى بنوائب الزمان وأحداث الدهر.
وعلى الرغم من ذلك، فهي أيضًا تقابلك بزينتها
الباهرة ونقوشها المزهرة، التي صاغتها ورسمتها أنامل ماهرة، عرفت قيمة الجمال في
وقت شدة البأس بين الرجال، لتقول: إنَّ الجمال بتنوعاته وتفرعاته هو سر هذا الوجود.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.