الثلاثاء، 25 أبريل 2017

المُواطنة التسويقية

تزايدتْ في الآونة الأخيرة حالات الغش والتدليس التجاري في الكثير من المُنتجات الغذائية والاستهلاكية الأخرى، وقد كشفت هيئة حماية المُستهلك حالات مهُولة وصادمة في هذا المجال، كما تداولت وسائل الإعلام مُؤخرا رسائل محبطة تتعلق بمنع دُخُول بعض المُنتجات الزراعية المحلية إلى الأسواق المجاورة.
تأمَّلتُ كثيرًا في الأسباب التي أدَّت لتزايد مثل هذه الحالات، على الرغم من شدة هيئة حماية المُستهلك في تطبيقها للقوانين النافذة لدينا في السلطنة؛ فوجدت أن المسألة لا تتعلق فقط بوُجُود التشريعات والقوانين الرادعة ومراقبة السوق على الرغم من أهميتها، وإنما المسألة مُرتبطة بالتزام أخلاقي وإنساني وأدبي قبل كل شيء.
فِي مطلع السبعينيات من القرن العشرين، ضجَّت الأسواق العالمية بحالات هوس من قبل الشركات المنتجة، التي كان تركيزها هو تعظيم أرباحها مهما كانت الطريقة التي تسلكها؛ الأمر الذي جعل من المُنظمات المُجتمعية والحُقُوقية الالتفات إلى هذا الأمر، ومع هذا الحراك المُجتمعي في تلك الدول ظهرت مُبادرات مشتركة بين شركاء التنمية الاقتصادية، استوعبتْ حينها الجانب الاجتماعي في مسألة الإنتاج والتسويق.
ركَّزت تلك المُبادرات على موضُوع المُواطنة في حل المُشكلات البيئية من جرَّاء ما تنتجه شركات الأعمال، وقد بلورتْ تلك الضغوطات المُجتمعية في تغيير مفاهيم اقتصادية مبنية على تعظيم الأرباح، لتحل محلها مفاهيم وسلوكيات جديدة كانت مهملة ومنسية تقوم على اعتبارات اجتماعية.
ومُنذ ذلك الحين، ظهر ما يُسمى بـ"المُواطنة التسويقية"، بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والقانُونية والإنسانية، وأصبح هذا المفهُوم على رأس وأولويات برامج وخطط وإستراتيجيات التسويق لجميع تلك الشركات المنتجة، كونها كائنًا اقتصاديًّا واجتماعيًّا، تؤثر وتتأثر بمحيطها الاجتماعي والبيئي، فهي أولا وأخيرا حياتها قائمة على هذا التفاعل مع البيئة، ونشاطها لا يستمر إلا بدعم المُجتمع لها.
نحن اليوم بحاجة لتأصيل هذا المفهُوم لدى العاملين في الشركات المنتجة في محيطنا المحلي، وهذا لا يتأتى إلا بجُهُود تسويقية وإعلامية مكثفة من قبل الجهات المعنية: غرفة تجارة وصناعة عُمان، وهيئة حماية المُستهلك... وغيرهما؛ وذلك من خلال لقاءات ومؤتمرات عملية، تشارك فيها كافة أطراف العملية الإنتاجية، لتكوين صُورة ذهنية إيجابية لهذا المفهُوم، والخروج بميثاق مشترك في هذا الإطار، يُؤكد أهمية تطبيق هذا المفهُوم العالمي؛ فبالمُواطنة التسويقية يمكن أن نضمن سلامة منتجنا الوطني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.