الأحد، 20 ديسمبر 2020

نزوى الجميلة

 

مِيزان بو سلاة

 

ذاكرة الأسواق القديمة، والأيدي الحريصة، والقلوب القانعة.

استراحة الفيحاء



تأمُّلات

 

"اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ۖ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ"

السبت، 19 ديسمبر 2020

شخصيات طواها الزمان ما زالت عالقة في الذاكرة والوجدان

 



المقطعُ الصوتيُّ المُرفق هو تلاوةٌ مباركة من آيات الله العزيز الحكيم، بصَوْت شيخنا ومعلمنا عبدالله بن سالم اللزامي -رحمه الله تعالى- يعود تاريخه إلى ما قبل ثلاثين عاما تقريبا.
أدركتُه -رحمه الله- في مراحل تعليمنا الأولى -بمدرسة راشد بن الوليد- مُعلِّمًا فذًّا وفيًّا متمكنًا، ومربيًا ومؤدبًا وقدوةً مخلصًا فاضلًا متميزًا، فارتقى سنامَ مهنة التعليم وواجباتها ومبادئها وقيمها بجدارة، وهي مهنة شريفة ورسالتها عظيمة، تَعَاطى معها -رحمه الله- بحبٍّ والتزام، وبتفانٍ واقتدار، إلى جانب نُخبة وفيَّة من أبناء الولاية الكرام.
قَرَن تعليمَه النظريَّ بالتطبيقِ العمليِّ، خاصة فيما يتعلق بغرس الأخلاق الحميدة، والقيم العُمانية والإنسانية الرفيعة، وأداء واجبات العبادات الدينية، كالصلاة... وغيرها من عبادات.
ومنَ الأمور التي عايشتها لهذه الشخصية العزيزة على قلوبنا أيضًا، عندما كان مُدرِّسا: اهتمامه الشديد بالكتاب والقراءة وريادة المكتبة، وتشجيع الطلاب والشباب على ذلك، وكانت لديه -رحمه الله- طرائق راقية ومحفِّزة للوصول إلى هذا الهدف؛ فعندما آلتْ إليه مسؤوليَّة الإشراف على مَكتبة المدرسة، كان -رحمه الله- يحثُّ طلابَه على كتابة مُلخصٍّ عن كلِّ كتاب قرأناه، وكان يُحفِّزنا ببعض الهدايا من جيبه الخاص، وهذا المنهج المُتقدِّم، والتوجُّه الراقي له أثرُه إيجابي على الارتقاء بقيمة القراءة، وأهمية الاطلاع في نفوس الطلاب ووجدانهم ورُقِي فكرهم، إضافة لتعزيزِ تحصيلهم العلميِّ، كما يُساعد على ربط مُكوِّنات ومُحتوى المنهج المدرسيِّ بمعارف المكتبة الواسعة؛ الأمر الذي يُسهِم بجلاء في زيادةِ البناءِ المعرفي، والاتساعِ الإدراكي للطلاب.
هذا الاهتمامُ بالكتاب تَوَاصل معه طوال عمره -رحمة الله عليه- حتى عندما تزُور مجلسَه العلمي والاجتماعي ترى الكتاب جليسه ورفيقه، وكثيرًا ما يطلبُ من أحد الشباب القراءة، ويتولَّى هو الشرح والإجابة عن الأسئلة والاستفسارات. وفي ذلك رُؤية طيبة، ورسالة راقية، وأهداف نبيلة: نفسيًّا، وعقليًّا، وعلميًّا، ومعرفيًّا، واجتماعيًّا وإنسانيًّا. وفي هذا الإطار أيضًا، كانت له -رحمه الله- جهودٌ مُخلصة ومُقدَّرة ومُثمرة في تأسيس مكتبة قريات الثقافية العامة.
كما كان -رحمه الله- مهتمًّا باللغة العربية وعلومها وآدابها، خاصَّة علم النَّحو والصرف، وله في ذلك حلقات علم وتدريس في جامع السلطان قابوس بولاية قريات، عندما عُيِّن إماما له وخطيبًا للجمعة؛ فكان عطاؤه جزيلًا وواسعًا.
وكان -رحمه الله- في حلقاتِ التلاوة شَرِح النَّفس واسعَ البال في توجيه وتصحيح من يُخطئ في القراءة أو التلاوة أو التجويد.. لا يُشعِرك بأي حَرَج أو مَلَل أو تذمُّر، مهما احتاج من وقتٍ للتعليم وتصحيحِ المسار، حتى يُتقِنَ القارئ أحكامَ التلاوة وتجويدها.
ذاتَ يومٍ، اعترضَ أحدُهم على أسلوبه هذا؛ حيث كان يُصحِّح لشاب كَثرة أخطاء التلاوة، مُبديًا تذمُّرِه بأنَّ هذا الأسلوب يُضيِّع فرصة التلاوة على مَن في الحلقة، كُنتُ أنظر إلى وجه الشيخ اللزامي الكريم، فكانتْ مَلامح وجهه وصَمته ونَظَراته خيرَ جواب على ذلك المُعتَرِض، دون أن يُعلِّق عليه بكلام.
كان -رحمه الله- صبورًا على كلِّ من كان يتعلَّم في مدرسته ومجلسه العلمي، مهما كان مُستواه وعُمره واتِّساع إدراكه وفهمه، عنده سِعة بال وصَبر وَاسِع على من كان فهمُه بطيئًا حتى يَفهَم ويَستوعِب، طريقتُه في التدريس تتَّسم دومًا بالهدوء والسكينة وسِعَة الأفق، مَقرُونة بأسلوب التَّرغِيب والتَّشجِيع، والتَّحفِيز وإِثَارة الدَّوافع، وكذلك بالنُّصح والوَعظ والإرشَاد، وبالمدَاومَة والتَّكرَار والمُتابعَة، همُّه في ذلك بناء شخصيَّة الإنسان الصَّالح، القادر على العمل الجاد والأداء المتميز.
كان -رحمه الله- مُتواضعًا في قوله وتعامله، راقيًا في سلوكه وأفعاله، كان حليمًا كريمًا مُحِبًّا للجميع، مُفعَمًا بالنشاط والحيوية، لطيفَ المعشر والمحيَّا، يستقبلُك بصدرٍ رَحب، وابتسامةٍ صافية، ووجهٍ طلقٍ بشوش، مهما كانت ظرُوفه وأحوالُه، يحبُّ الخيرَ لكل الناس؛ لهذا نالَ احترامهم وتقديرهم. وعلى الرَّغم من اتِّساع علمه ومعارفه لا يتردَّد أن يحضر الدروس، التي كان يُلقِيها بعضُ طلابه، فتجدُه مستمعًا مع الحاضرين بتواضعِه الجم، وكأنَّه طالبُ علم ومعرفة.
له مَوَاقف عظيمَة في مُعَالجة الكثير من القضايا: الاجتماعيَّة، والفقهيَّة والإنسانيَّة.. تجد حكمته سبَّاقة في إنهاء ما يُعكِّر صفو النفوس، ومن بين هذه المواقف: كُنَّا نحتفلُ بمُناسبة دينية في الجامع -قد تكون مُناسبة الإسراء والمعراج- وضِمن فقرات هذه الاحتفالية انبرَى من الحضور شخصيَّة تربويَّة من دولةٍ عربيةٍ، كان يعملُ في الحقلِ التعليميِّ في الولاية، فطلب أنْ يُشَارك بكلمةٍ أو مُحَاضَرة في المناسبة، ففُتِح له مَجال المشاركة بترحيبٍ وتقدير، فتحدَّث وأسهبَ الرجلُ في الحديث عن أمرٍ فقهيٍّ، فيه من الآراء المُختلفة بين علماء المدارس الإسلامية، فإذَا بأحد الشباب ينهَض مُعتَرِضًا على أسلوب وفكر وتوجُّه ذاكَ المتحدِّث، فأسهبَ في حديثٍ تداخلتْ فيه الآراء بين الحضور، عِندَهَا تجلَّت حكمة الشيخ اللزامي بهدوئه المعهود، فطلَب وقرَّر إنهاءَ الحفل، دُون أي تأنيب أو تَوبيخ، أو رأي فيما دار في الجلسة، فعلمتُ بعدَها أنَّ الحكمةَ أنهَتْ الاختلافَ وهدَّأت النفوس.
مِن بَيْن مواقف تواضعه الطيبة، ومعانِي إنسانيته الرَّاقية: سمعتُه يومًا يتحدَّث إلى المُصلِّين إنْ كانت لديهم ملاحظات على صَلَاتِه بهم، يَسألهم: هل يُطيل القراءة في الصلاة عندما يكُون إمامًا؟! قِمَّة في التواضع والاحترام والتقدير، وأسلوب رَاقٍ في المشاركة واحترام الرأي الآخر، على الرَّغم من علمهِ الرَّفيع في مُختلف العلوم، ومَكَانته الاجتماعيَّة المُقدَّرة.
كُنتُ أعرضُ عليه ما أكتبه، فكانَ خيرَ مُعِين ومُحفِّز في كل خير، وعِندما كُنت رئيسًا للجنةِ الثقافية والفنية بالنادي، كان -رحمه الله- خيرَ داعمٍ ومُحفِّز للشباب، ولأنشطة النادي الثقافيَّة والدينيَّة، خاصَّة في مجال المُحاضرات والندوات التثقيفيَّة والتوعويَّة، وإقامة المُسابقات الثقافيَّة والدينيَّة، وكذلك مُسابقة حفظ القرآن الكريم، التي عَنِي بها النادي، كأوَّل مُسَابقة في تاريخه على مُستوى الولاية، ضِمن توجُّه النادي ورُؤيته ورِسَالته وأهدافه، ليكُون حَاضِنًا لمختلفِ شرائح المجتمع، وبيتًا مفتوحًا، يتَّسع الجميع.
قبل أشهر من وفاتِه -طيَّب الله ثراه- زُرته في مَجلسه العامِر دومًا بالخيِّرين، فخَصَّني -رحمه الله- بجلسةٍ مُنفردةٍ، أو خلوةٍ خاصَّة، في غُرفة بجانب ومُقابل مجلسه في منزله، كان يخلُو فيها للدرس والمُراجعة والتأمُّل والعبادة، فحدَّثنِي عن أمرٍ كان يشغل باله، فكان حديثَ الأب إلى ولده بمحبَّة وفخر، والتلميذ إلى مُعلِّمه بوفاء وتقدير واعتزاز واحترام.. وكأنَّه كان حديثَ ولقاءَ الوداع!!!
صالح بن سليمان بن سالم الفارسي

ذاكرة

 

شكَّلتْ قصائد الشيخ خليفة بن سيف العادي ظاهرةً شعريةً فريدة في ولاية قريَّات -شكلًا، ومضمونًا، وموضوعًا- على مر تاريخها المعاصر.. شخصية عاشقة للوطن حتى النخاع، شخصية مُحِبة ووفية لقريَّات، ولهذا اتحفَها ووصفَها بكنوز ثمينة من القصائد والمفردات الجميلة، فكانت قصائده عميقة حرفًا ومعنى، ضاربة في وجدان وفكر الإنسان، العاشق لتراث أمته، المفاخر بمنجزات وطنه.
لا تكاد مناسبة -وطنية أو ثقافية أو اجتماعية- أقيمت في ولاية قريَّات إلا وله فيها قصيدة معبرة، وعندما عرضت بعض قصائده على صاحب السمو السيد برغش بن سعيد آل سعيد، أُعجِب بها أيَّما إعجاب، فحفزه وشجعه على أن تُوثَّق هذه القصائد في كتاب، فهي بمثابة توثيق لفعاليات ومناسبات ومنجزات تراثية وتاريخية ووطنية لأبناء ولاية قريَّات، إضافة لمُسَاجَلات شعرية أخوية صادقة، فتحقَّق لها ذلك، فقد ضمَّها ديوانه الأول الصادر في العام 2000م، والموسوم بـ"نفحات الأزهار في نظم الأشعار".
كان -رحمه الله- مُحفِّزا وداعمًا لأنشطة الشباب على مستوى الولاية، خاصة في الجوانب الثقافية والأدبية، وقد أشرفَ يومًا في مطلع التسعينيات على أول مسابقة شعرية على مستوى الولاية، وقدم -إلى جانب مجموعة من أدباء الولاية- أمسية نقدية لتلك المشاركات الأدبية، وكان لذلك فائدة مؤثرة وإيجابية في دعم الحراك الشبابي في المجال الثقافي.. تحية لتلك الروح المجيدة، الخالدة في حنايا الروح وأعماق القلوب.

الجمعة، 18 ديسمبر 2020

تحليق في ذاكرة الزمن

 

الأخُ العزيزُ والصَّديق الوفي سالم بن مُحمَّد البلوشي، له مكانة خاصة ومنزلة عزيزة في قلبي، جَمَعتنا ذكريات جميلة في فترة الطفولة ومراحل العمر المختلفة، وكذلك في فترة الدراسة وانتسابنا إلى الجامعة.
كانَ بستانُ والده -رحمه الله- في المعلاة مزدانًا بنخيل القدمي والخمري والمخلدي، تميَّزتْ تلك الطوي برافعتها ومنزفتها الحجرية الجميلة، التي كانتْ الوحيدة في تلك القرية بتقنيتها وتصميمها الفريد، كنا نَتَسَابق لتسلُّق تلك النخيل الباسقة بخُضرتها اليانعة من أجل تَبْشِرة القيظ، وفي المساء نتحلَّق حول عمه عبدالله -رحمه الله- لسماع حكايات الزمن الجميل.
ما يُميِّز الأستاذ سالم الهدوء والتواضع ورحابة الصدر، وهي خصلة وسمة رفيعة كان يتميز بها والده أيضا، فقد عرف عنه تواضعه الجم وتعاونه الراقي ومحبته وتفانيه في خدمة الجميع.
الأستاذ سالم صاحب فكرٍ مُتجدِّد ونشاطٍ مُتقد، مُحب للعلم وعاشق للمعرفة، وقد أكمَل تعليمه في مراحلها المختلفة معتمدا على نفسه، وهو مجيد في ذلك.
عمل في قطاع التربية والتعليم فأجاد فيه، كان مُعلِّما مُخلِصا في مدرسته وفيا مع زملاء مهنته، أفنى سنوات طويلة من عمره في تعليم أجيال من أبناء الوطن، كان صديقا وأبًا وأخًا لطلابه قبل أن يكون مُعلِّمًا وفيًّا، وهذا ديدنُه وأسلوبُه في توصيل رؤيته ورسالته في الحياة منذ عرفته.
عِندمَا تولَّى مهامَّ الإدارة والإشراف الإداري والتربوي، كان لأسلوبِه التشاركي ومهاراته الإدارية وهيبة حضوره مبعثُ ثقة لتقنيات الإدارة وعلومها.
كان شغوفًا باللغة، مُبدِعًا في آدابها، عندما تستمع إليه فهو يسحرك بجمال الألفاظ وسحر البيان ورقة الكلام ولطافته، خاصة في مشاركاته الوطنية، فكثيرًا ما تسند إليه مهمة التقديم وربط فقرات تلك الاحتفالات البهية أمام الحصن القديم.
المقطعُ الصوتيُّ المُرفق هو للأخ والصديق سالم البلوشي، يعُود تاريخُه إلى ما قبل ثلاثين عامًا تقريبًا، قمتُ بتسجيله ضمن تغطية إعلامية وإذاعية لاحتفال الولاية بمناسبة العيد الوطني الثاني والعشرين المجيد أمام الحصن القديم، وهو ذاكرةٌ لأيام جميلة ما زالتْ عالقة في القلب والوجدان.
تحيَّة مَحبَّة وتقدير للعزيز سالم بن مُحمَّد البلوشي، راجيًا له حياة مفعمة بالصحة والعافية والسعادة الدائمة.
كتبه/ صالح بن سليمان الفارسي

الخميس، 17 ديسمبر 2020

في ذكرى الأخ سعيد الحميدي

 

عَشِق الرياضة، فأخلصَ لها وأبدَع فيها، كان لاعبًا مجيدًا وحكمًا رياضيًّا متميزًا، مثَّل النادي كحارس أمين لعرين شباكه الناصعة بطيف لون البرتقال المشرق، الممزوج دومًا بروح الدفء، وحماس وحيوية الشباب، والمتوهِّج على الدوام بالطاقة والنشاط، والمحفِّز على المزيد من الإبداع والابتكار.
تدرَّج -رحمه الله- مع فريق النادي في مختلف مراحله السنية، كان مبدعًا ووفيًّا لناديه، لقَّبه أحد المدربين بـ"أسطورة قريَّات في حراسة المرمى".
على المستوى الشخصي، اتَّصَف -رحمه الله- بسجايا وصفات إنسانية طيبة وراقية، كان مُتواضعًا مُحِبًّا للجميع، ابتسامتُه الدائمة، وعلاقاته الاجتماعية الواسعة، تنمُّ عن نقاء وصفاء لقلبه الأبيض، وجمال روحه المَرِحَة دليل حب وإشراقة أخوة صادقة.
كان أيضًا وفيًّا مخلصًا لفريقه "فريق الوسطى الرياضي"، وهو أحد الفرق الرياضية العريقة التابعة للنادي، ومع فريقه تحققت إنجازات رياضية عديدة على مستوى الدورات الرياضية في قريَّات، ووفاء لذكراه قام الفريق منذ سنوات بتنظيم دورة رياضية باسمه، وإصدار كتيب أو مطوية مطبوعة لسيرته مع الرياضة.
وقبل أكثر من عشرين عامًا ودَّعنا بهدوء وصمت وهو في ريعان شبابه، ولكن ذكرياته الطيبة وروحه النقية لا تزال تُحلِّق في روزنامة المبدعين الذهبية في قريَّات.

الثلاثاء، 15 ديسمبر 2020

رُؤية عُمان 2040


#رُؤية_عُمان_2040 انطلاقة جديدة نحو التنمية الإنسانية في عُمان، ما يُميِّزها أن شركاء التنمية (حكومة، القطاع الخاص، والقطاع الأهلي والمدني) قد شاركوا جميعًا في صياغة أولوياتها وغاياتها وأهدافها، وتوجُّهاتها الإستراتيجية، إضافة لتحديد مُؤشرات نجاحها، وهو ما يُحمِّلُ الجميع مسؤولية تحقيقها.
الرؤية هي طريق إلى صناعة المستقبل.

الأحد، 13 ديسمبر 2020

قفل

يُوْصَف القفلُ بالدارجة العُمانية إذا كان قويًّا "ولايتي".. هذا القفل ظلَّ لمئات السنين وفيًا صامدًا في وجه الزمن، مُتمسِّكا بحلقة الباب، حافظًا للعهد مع صاحب الدار بحفظ الأمانة وأسرار البيت. تساقطتْ حجارة الجدران، وتكسَّرت الأخشاب، وغادر العابرون، وظل القفل في مكانه في انتظار مفتاح صاحبه، ليُبِيح له بأحداث الأيام وحكايات الزوار.

ذاكرة


السبت، 12 ديسمبر 2020

نسمات الشتاء الباردة تُطرب الكائنات وتؤنسها

 

ظلال السلام

أستثمار في الطبيعة

اليَوْم مررتُ بحيل الغاف، فوجدتُ الفلج يفيض خيرًا، وأشجار الأنبا بدأت تتزين بثمارها الذهبية، فيما الأسر والشباب يفترشون ظلال تلك الأشجار الوارفة في بهجة وحبور.
ذهبتُ إلى المزارع، فوجدتُ سدَّ وادي الخير (وادي ضيقة) يتدفق بخيراته الوفيرة.. مياه عذبة فرات زلال تملأ مساحة واسعة من الأرض، تبدأ من المزارع وحتى مشارف دغمر. تأملتُ في هذه المياه المتدفقة بغزارة، المنسابة من بحيرة السد، بعد أنْ كانت حبيسة ذلك السد العظيم في عُمان لفترة، فسألتُ نفسي: هل هذه الطريقة تعد استثمارًا (اقتصاديًّا وسياحيًّا واجتماعيًّا) مفيدًا لهذه المياه، ولخدمات هذا السد الكبير؟!
فجَلَستُ عندها على ربوة جبلية في الجزير، تُطل على جمال طبيعي ممتد، رأيتُ الناس يفترشون الأرض على امتداد الوادي، للتمتُّع بخرير المياه، وجمال تنوع الألوان.
صُدْفَة.. تَحدثت مع شابيْن وَقَفَا بجانبي بسيارتهما -محمود الحضرمي ومُحمَّد الفارسي- أحدهما من نزوى والآخر من مسقط، مُهندسان يعملان في قطاع النفط وقطاع الاتصالات، قَطَعا مسافة طويلة في رحلة استكشافية سياحية، شملت قرى: تعب وحريمة ووسال واسماعية ومقابر كويكب والجبل الأبيض، وصولا إلى المزارع.
كانتْ السعادة تعلو محياهم فرحًا بهذه الرحلة، بَهَرهم المنظر الجمالي في المزارع، فطال الحديث معهما عن السياحة وتحدياتها، فسألني أحدهم: لِمَ هذا الجمال لا يُستثمر سياحيًّا؟ وسألني الآخر: لِمَ لا تتوافر خدمات متكاملة لخدمة السياحة في مثل هذه الأمكنة؟ قُلت لهما: عسى القادم يكون أفضل!!

الأربعاء، 9 ديسمبر 2020

شَخصيَّات خالدة في الذاكرة

فراق من تعزُّ تعب، له وقعٌ مؤلم ومؤثر على القلب والوجدان، هكذا كان صدمة تلقي خبر وفاة الوالد أحمد بن سالم بن سيف الفارسي، كان شخصية فذة بعطائها الإنساني، له مكانة ومعزَّة خاصة في قلبي، لما يغمرني به من مشاعر الأبوة الصافية مع كل لقاء.
أرتبط بسيرة حسنة مع جدي وأبي، عبر صداقة وأخوَّة مُمتدة، رسختها عُرى القرابة، ووشائج الرحم، ومشاعر المودَّة والإلفة، عبر تاريخ حافل من العمل والعطاء، هكذا أيضًا كانت سيرته مع جميع الناس في كل مكان، سيرة مُشرِقة وعلاقات إنسانية نقية، توَّجَها بقمة التواضع واللطف، وحُسن التعامل والتواصل، فأحب الناس بلا تكلف وتصنع، فأحبوه بصفاء وتقدير واحترام.
كان الحديثُ معه ككتاب مفتوح، تزيِّنه أخلاقه الرفيعة، وحديثه العذب، النابع من حنايا القلب وصفاء السريرة، تفيضُ مشاعره بالمحبة والصدق للصغير والكبير، وتلك هي صفة النفوس الكبيرة المُحِبَّة دومًا للخير.
الجلوس معه مدرسة تنهل منها خبرة الحياة، والسيرة العطرة للآباء والأجداد، سنفتقد روحه الأبوية كثيرا، ولكن سيرته وذكرياته وأعماله ستبقى خالدة في الذاكرة، وشمعة مضيئة في دروب الحياة.
نسأل الله العلي القدير أن يتغمَّده برحمته الواسعة، وأن يُدخله فسيح جناته، وأن يُنزله منازل الأبرار والصديقين والصالحين، وأن يُبارك في أولاده وذريته.

الثلاثاء، 8 ديسمبر 2020

خطوة مهمة

حَوْكَمة الأندية الرياضة وسيلة مُهمَّة، لضمان استدامة أنشطتها وبرامجها، ومن أهم غاياتها: الارتقاء بمستوى أداء مجالس الإدارة، وفق نظم مؤسسية، وقواعد إدارية واضحة، ورؤية هادفة، تقوم على إستراتيجيات تخطيطية محكمة، وأهداف ومؤشرات مستقبلية قابلة للقياس.. وإذا ما تم تطبيقها بطريقة صحيحة، ستحدُّ كثيرا من الاجتهادات المرتجلة غير المدروسة.

الأربعاء، 2 ديسمبر 2020

تحية محبَّة للصديق خالد الريامي

 

عرفتُ الأخَّ الأستاذ خالد بن سعود الريامي مُثقَّفا وإداريًّا مجيدا، شُعلة نشاط في خدمة وطنه ومجتمعه وشبابه.. تحية محبة وتقدير.

الثلاثاء، 1 ديسمبر 2020

الشاعر سالم بن حمد الجابري

الشَّاعر والأديب سالم الجابري له اهتمامٌ قديمٌ، ومشاركة فاعلة في مجال المحافظة على الفنون الشعبية، وهو موسوعة في هذا المجال، تعاونَّا معًا قبل أكثر من 20 سنة في إصدار ديوانه الشعري الأول، الذي تضمن جميع قصائده، خاصة في مجال: الرزحة، والميدان، والتنجيليه، وسائر الفنون في قريَّات، حمل عنوانًا جميلًا، وتصميم غلاف أجمل... تحية لسالم المُحِب لفنونه.

الأحد، 29 نوفمبر 2020

الأربعاء، 25 نوفمبر 2020

الجِرَام

لفظُ الجرام في العرف الاقتصادي هو أحد وحدات قياس الكُتلة، وفي الدارجة العُمانية القديمة دلالة على سمكة الحوت الضخمة.
قديمًا.. كانتْ هناك تقنية متوارثة في صيد أسماك السردين الصغيرة، المعروفة محليًّا: البرية أو العومة أو السموكة أو الجيم، التي تُستخدم عادة (خاصة البرية) ضمن مكونات أكلة عُمانية قديمة تسمى: القاشع أو سحناة القاشع، وتستخدم كذلك كطعام (مغبرة/غلية) لتسمين الأبقار، وأيضا كسماد للأشجار.
تقنية الصَّيد تلك، تُسمَّى قديمًا: الصيد بالخواضة، تستخدم فيها الشباك، لها عيون صغيرة، تسمى: الغل أو المغدفة، تصنع محليًّا على أيدي الرجال والنساء من خيوط البج أو القطن أو السوتلي، وصناعتها تسمى: الوشاعة والطراقة.
والصَّيدُ بطريقة "الخواضة" تتجلى فيه قيم التعاون، والإيثار، والعدالة، وتتم بمراقبة ومتابعة من رجال سنة البحر، ولها مواعيد ومواقيت وأماكن محددة.
ينطلقُ الصيادون دفعة واحدة من سيف البحر، بعد أنْ يأذن لهم رجل السنة، بقول كلمة: "أوه رباعة خوااضة"، لا يتقدم الواحد الآخر، وإنما يخوضون البحر معا، فينثرون شباكهم على تجمعات الأسماك، فيتكتفونها إلى البر، فينثرون تلك الأسماك في المسباخ، لتجفيفها تحت أشعة الشمس، وهكذا تستمر هذه العملية على شكل دفعات.
يُلقَّب الصياد، الذي يجمع كمية كبيرة من أسماك "البرية" بالجرام، وهو لقب ينم عن نشاط وحركة وقوة، وذلك من باب التحفيز والدافعية للآخرين، لحب العمل وإتقانه.
والصَّيد بالخواضة من ذكريات الأيام؛ حيث لم تعد تستخدم هذه الطريقة اليوم، لتطور وسائل الصيد، وقد وثقت تفاصيلها في كتاب "قريَّات.. ملامح من التراث الزراعي والبحري" في طبعته الثانية، وكذلك أسماء من حَظِي بلقب "الجرام" في ذلك الزمان المنصرم.

الأحد، 22 نوفمبر 2020

المياه هي الحياة

 

مشاعر مواطن

شُرْطَة عُمان السلطانية.. عينٌ يَقِظَة ساهرة، وخدمات متطورة راقية...
في العقد الأول من سبعينيات القرن المنصرم شرعت شرطة عُمان السلطانية في بناء أول مركز للشرطة في ولاية قريَّات، وقد تم اختيار موقعه على آخر مسار طريق وادي مجلاص القديم من جهة مدخل مركز مدينة قريَّات، فكان وادي مجلاص بمقياس ذلك الزمن، بمثابة الحلقوم للسيارات في بداية ظهورها، ومسار عبورها إلى الولاية.
طريق وادي مجلاص التراثي تم شقه في ستينيات القرن المنصرم، قامت بتنفيذه دائرة التحسينات في مسقط، ضمن مشاريع تنموية في عُمان: كتمهيد الطرق، وبناء بعض العيادات الصحية، وأغلب مسار ذلك الطريق في فوهة وادي مجلاص العظيم.
كان ترابيًّا وعرًا، وكان شاقًّا ومُرهِقا على الأجساد، وفي الوقت ذاته كان مُمتعًا بمناظر تضاريسه الخلابة (تم تغيير مساره مع أول طريق مرصوف، افتتح يوم الثلاثاء الموافق 11 ديسمبر 1979م).
وفي صبيحة يوم 13 مايو من العام 1977م، اختِرتُ ضمن نخبة من زملاء الدراسة في مدرسة راشد بن الوليد، للمشاركة في احتفال افتتاح أول مركز لشرطة عُمان السلطانية في قريَّات، فركبنا حافلة مكشوفة للوصول إلى أطراف مركز المدينة، حيث يقع مبنى المركز، قيل لنا حينها بأننا سنكون ضمن طابور التحية براعي الحفل إلى جانب رجال الشرطة البواسل، كان راعي الحفل والي قريَّات حينها سعادة السيد بدر بن علي البوسعيدي -رحمه الله.
أخذنا مواقعنا في الجهة الغربية للمركز؛ حيث مهبط صغير لنزول طائرة الهليكوبتر، كانت هناك علامة هوائية ملونة، تؤرجحها الريح على عمود حديدي بجانب ذلك المهبط، قيل لنا إن الحفل سيبدأ بعد وصول قادة الشرطة من مسقط على متن الطائرة، وما هي إلا دقائق فإذا بالطائرة تحُوم في المكان في مشهد مهيب، كان المشهد الأول في حياتي للطائرة، كان أحد رجال الشرطة مُمسِكًا بإشارات خشبية، تشبه مضارب تنس الطاولة، يشير بها إلى قائد الطائرة بطريقة منظمة ودقيقة، موجِّها له لمكان الهبوط.
بعد خُفُوت صَوْت مروحة الطائرة، ونزُول من كان على متن الطائرة، وأخذ مكانهم في ساحة الحفل، بدأت مراسم افتتاح مركز الشرطة، حيث استعرض سعادة الوالي طابور العرض، وكنا نحن طلاب المدرسة في صف نُحيِّي راعي الحفل والحضور، ثم أخذنا جولة في تقسيمات المركز، والاستماع إلى مهامه الأمنية والخدمية.
يومًا.. كان خَيَال مشهد الطائرة أحد إجاباتي المدرسية، كرسمة على سؤال ضمن الاختبارات النهائية لمادة التربية الفنية في فترة دراستي في المدرسة، وجدتُ تلك الرسمة في ملفِّي المدرسي، ضمن وثائقي المدرسية، والذي استلمتُه بعد إنهاء متطلبات التعليم الأساسي في تلك المدرسة، فكانت المدرسة حينها تحتفظ بكل وثائق وإجابات الاختبارات النهائية للطالب في ملفه المدرسي، وإلى الآن أحتفظ بتلك الرسمة لذكرياتها الجميلة.
وعلى مدار سنوات عديدة، ونظرًا لعدم توافر وسائل النقل كما هي عليه اليوم، كانت الطائرة وسيلة مهمة لخدمة سكان الجبال في الولاية، كقرى سوقة وعمق ووادي العربيين وسكان الجبل الأسود الأشم، وإبان عملي لاحقا في مكتب الوالي، كان يأتي إلينا سُكان تلك القرى النائية، لطلب نقل أمتعتهم من مركز الولاية إلى مكان سكناهم، وما إنْ تصل طلباتهم إلى شرطة عُمان السلطانية أو سلاح الجو السلطاني العُماني، إلا وطلبهم مُجَاب على الفور.
كانتْ الطائرة تنقلُ مواد البناء والمواد الغذائية، وتنقل المرضى والمصابين، وبين الحين والآخر كان رؤساء المصالح الحكومية بالولاية والأطباء يزُورون تلك الأمكنة النائية على متن تلك الطائرة، لخدمة ومُتابعة أحوال الناس والاستماع إلى احتياجاتهم ومتطلباتهم من الخدمات، ليتم إحالتها إلى الجهات المختصة في الدولة، لدراستها وتلبيتها ضمن خطط التنمية الإنسانية الشاملة في السلطنة، كنت حينها موظفا في مكتب الوالي، فتشرفتُ مرارا بالمشاركة في هذه الجولات الميدانية على متن تلك الطائرة المهيبة، لتعيد بي الذاكرة إلى أيام طفولتي الأولى.
مرَّتْ سنواتُ العمر، فها هي شرطة عُمان السلطانية تتوِّج خدماتها المتطورة والراقية بمركز جديد في الولاية، تم بناؤه على ربوة جميلة، تشرف على مسار طريق واسع وحيوي، يربط محافظتي مسقط وجنوب الشرقية، ويتميز المركز الجديد بتصميم عمراني حديث، مستوحى من تراثنا المجيد، تم الانتقال إليه في صبيحة يوم الأربعاء الموافق 29 يوليو 2020م.
وها هي شرطة عُمان السلطانية تبشرنا اليوم من جديد، بقرار توسعة خدماتها في هذا المركز، لتشمل تقديم خدمات (المرور، الأحوال المدنية، والجوازات والإقامة) بمبنى الخدمات في ذات المركز بولاية قريَّات، وذلك اعتبارا من يوم 23 نوفمبر 2020م، وهو قرار يثلج الصدر، ويسعد الخاطر، ويشعرنا بالفخر والاعتزاز.
فعلى مدار سنوات النهضة المباركة، شهدت خدمات شرطة عُمان السلطانية نقلة كمية ونوعية، فهي متاحة بسهولة ويسر في مختلف ولايات السلطنة، تتَّسم بالدقة والجودة وسرعة الإنجاز، ضمن منظومة إلكترونية متقنة ومتطورة.
فالشرطة دومًا تمدُّ يدها الحانية إلى كل مواطن ومقيم، لخدمته وتحقيق رضاه وسعادته وراحته، وهي أيضا ساهرة بجد وحزم على أمن الوطن ومكتسباته.
وفي هذا المقام، أقترح أنْ يُستَغَل مركز الشرطة القديم، ليكون مركزا لخدمات الهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف، لقربه من السوق والأنشطة التجارية والصناعية، إضافة لتوسُّطه قرى مركز الولاية، ذات الكثافة السكانية.
تحيَّة حب وشكر وعرفان لشرطة عُمان السلطانية على جهودها الخيرة وخدماتها الجليلة، ونبارك لأهالي ولاية قريَّات الكرام على هذا الصرح الوطني الشامخ في ظل نهضتنا المتجددة، بقيادة سلطاننا المعظم -حفظه الله ورعاه.
صالح بن سليمان الفارسي
2020/11/22

السبت، 21 نوفمبر 2020

تحية محبة لفريق اتحاد الساحل بنادي قريَّات

 
تُشكِّل الفرقُ الرياضية في القرى العُمانية حاضنات خصبة للعمل الشبابي والتطوعي، وإذا ما اقترنت أعمال تلك الفرق بالتنظيم والعمل المتقن، والمتابعة المستمرة والداعمة والمحفزة من قبل النادي، سيكون لها التأثير الطيب في اكتشاف واحتضان المواهب، وإبراز إبداعات الشباب، ومن ثم رفد الأندية الرياضية والثقافية والاجتماعية بهذه المواهب، كونها الحاضنة الأكبر للشباب.
فريق اتحاد الساحل بنادي قريَّات، ومنذ العقد الأول للسبعينيات في القرن المنصرم، وهو يُشكل شريانًا مهمًّا وأيقونة فاعلة في العمل الشبابي الرياضي والثقافي والاجتماعي بالولاية، فهو يتدفق بالنشاط والحيوية، ضمن الفرق الرياضية الأخرى في مختلف قرى الولاية، لخدمة الرياضة والشباب.
سعدتُ جدًّا بجهود مجلس الإدارة واهتمامهم بتنويع نشاط الفريق وأعماله الشبابية، بحيث تلبي تطلعات جميع منتسبيه، وفق خطط وبرامج مدروسة وهادفة، تجسَّدت فيها روح الفريق، والعمل المشترك المنظَّم، والرؤية الواضحة للمستقبل، عملت بجد واجتهاد على استقطاب الجميع في مقر واسع، وملعب معشب أخضر كبير.
أتذكَّر جيدًا إبان فترة عضويتي في مجلس إدارة نادي قريَّات في عقد التسعينيات وبداية الألفية الثانية، كرئيس للجنة الثقافية والفنية، ومن ثم كأمين للسر بالنادي ذلك التعاون الشبابي، الذي لمسناه من أعضاء هذا الفريق، وجميع الفرق الرياضية الأخرى بالولاية، التي كانت تعمل بجهود مثمرة في مختلف الأنشطة الشبابية، وكشرايين مغذية لقلب النادي بمختلف المواهب، النابض دوما بالنشاط، وتحقيق الإنجازات العظام، منذ تأسيسه.
الأمر الذي جعلنا -خلال تلك الفترة- نعمل معًا على وضع لائحة تنظيمية لهذه الفرق، لتكون اليد المعينة للنادي في مختلف الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية.
اليوم.. وأنا أتجوَّل في تقسيمات فريق اتحاد الساحل، بعد تطويره وتجديده، تذكرت الصديق عبدالله بن جمعة بن العبد السناني -رحمه الله- ذلك الفنان المُولَع بفن الرسم والتصوير، والعاشق لجمال الطبيعة وتفاصيلها، كتبت عنه يوما:
"إلى تلك الروح العاشقة للجمال.. عبدالله السناني كما عرفته".
عَشَق البحر والصحراء، فعلى شاطئ البحر كان مَوْلِدُه، وفي تخوم الصحراء كانت خَاتِمَتُه.
عَشق الريشة والعدسة، فسطر مشاعره من خلال لوحاته، كل لوحة لها قصة وذكرى، كان يحرص على تزيينها في حوامل زجاجية غالية الأثمان، كان ينظر إلى اللوحة كأنها جزء من وجدانه.
كان حريصًا على تلك اللوحات كأنها جزء منه، لا يفرط في لوحاته مهما كانت الأسباب، كان يتأمَّلها في عُزلته بقسمٍ خصَّصه في داره، أتذكر في تسعينيات القرن الماضي واجهتُ صعوبة شديدة في إخراج لوحاته من عزلتها، وعندما وافق على استعارتها لفترة مؤقتة لعرضها في معرض النادي للفنون التشكيلة في مبنى النادي، ثم الانتقال به إلى النادي الثقافي بالقرم، ضمن أسبوع ثقافي أقامه النادي خلال تلك الفترة، كان يقول لي: "أخي صالح، هذه أمانة أرجو أن تعود تلك اللوحات إلى مكانها كما هي"، كان يتألم إذا رأى خدشًا في لوحته، كان حريصًا على لوحاته؛ لأنها كانت تنطق عن بوح مدفون في قلبه، وكانت تلك اللوحات تنطق وتشع بالجمال، كانت تتحدث نيابة عنه بصوت صامت.
تحيَّة لروحك أيُّها الصديق الوفي، فقد عشت في هدوء وغادرت الدنيا في هدوء أيضا، ولكن أعمالك هي التي تخلد ذلك الصمت الصارخ بالإبداع على مسار حياتك، وبين ظهرانين محبِّيك من شباب قريَّات وفريق اتحاد الساحل؛ فهم عليهم مسؤولية اليوم، لكي تخرج تلك الأعمال والتحف الفنية المشعة بالجمال من عزلتها؛ فقد حان لها الوقت أن تتحدث عن حياتك ومُنجزاتك في الحياة.. رحمة الله عليك ياعبدالله، وإلى جنة الخلد بإذن الله.
وفي الختام.. تحيَّة شكر وتقدير لجميع الشباب، راجيًا لهم دوام التوفيق والسداد، لخدمة الوطن والمجتمع.