الأربعاء، 26 سبتمبر 2012

التمتين قبل التمكين

التمتين قبل التمكين عُنوان مُحاضرة أُلقيت هذا الشهر ضمن فعاليات مؤتمر تنمية الموارد البشرية في مسقط، بتنظيم من وزارة الخدمة المدنية مشكورة.
والتمتين مُصطلح إداري حديث يُعنى بتلك النشاطات والعمليات الإدارية للبحث والكشف عن نقاط القوة لدى الفرد، والعمل على تعزيزها وتحفيزها وتقويتها لمزيد من التميز في الإبداع والابتكار، وتحسين الأداء في العمل، بدلًا من التركيز على جوانب الضعف فقط؛ بهدف تحويلها إلى قوة مما يُسبب هبوط ملكات القوة الموجودة أصلًا لدى الفرد إلى مُستوى أقل من التميز؛ نظرًا لعدم الاهتمام بها والتركيز عليها.
والمُتمعن في مدلُولات هذا المُصطلح الإداري، فإنه قد ورد في القُرآن الكريم "إن الله هُو الرزاقُ ذُو القُوة المتين"، وفي اللغة العربية الشيء المتين هو القوي الشديد أو القوي الصلب، والتمتين تقوية القوي بينما التقوية يُقصد بها تقوية الضعيف، وفي اللهجة المحلية للعُمانيين يقُولُون مثلا هذا حبلٌ متين، وهذه سيارة متينة؛ أي: قوية وشديدة الصلابة، وهُنا المتين صيغة مُبالغة من القوي.
ويقُول عليه الصلاة والسلام: "اللهُم إني أشكُو إليك ضعف قُوتي)، وهذا دليلٌ على أن القُوة يُمكن أن تكُون ضعيفة، وهذا لا يُمكن حُصُولُه في مرحلة التمتين. فالمتانة هي أعلى مراتب القوة؛ لهذا يجب التركيزُ على جوانب القوة في الشخصية الإنسانية، والعمل على تنميتها وتدعيمها لتُصبح متينة. فالتركيزُ على نقاط الضعف يُمكن أن يُحولها إلى نقاط قوية، ولكن تكُون إنتاجيتُها مُتوسطة، بينما التركيز على جوانب القوة تكُون إنتاجيتُها مُتميزة، فنجاح أي مُؤسسة أو فرد اليوم هو بتمتين نقاط القوة، لا بتقوية نقاط الضعف فقط دُون غيرها.
وعلى الرغم من أهمية هذا المُصطلح في مجالات العملية الإدارية في مُختلف المُؤسسات، وعلى مُستوى الحياة الشخصية أيضًا، فإنه أكثر أهمية في مجال التربية والتعليم؛ حيث يُمكن تفعيل هذا المفهُوم وتطبيقه في توجيه العملية التعليمية ومساراتها وفق نقاط القوة لدى المتعلم.
فهُناك من المواهب والملكات الفريدة لدى الكثير من الطلاب التي يجب التركيز عليها، والعمل على تنميتها وتوجيهها في المسار الصحيح، وهذا يتطلب وُجُود مسارات مُتنوعة للتعليم، فقيمة كل امرئ ما يُحسن، وكل مُيسر لما خُلق له.
وهذا التوجه عند الأخذ به يتطلب جُهُودا كبيرةً ومنهجية علمية في وضع المعايير والمقاييس المُناسبة لتحديد مواطن القوة والضعف لدى الطالب؛ لهذا على المُعلمين والمُختصين في مجال التوجيه المهني مسؤُولية كبيرة في تحقيق ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.