تشهد مُحافظة ظفار بسلطنة عُمان حركة ثقافية خلال
هذه الفترة؛ تتجسد في مهرجان المسرح لدول الخليج العربي، بتنظيم من وزارة التراث
القومي والثقافة، وبمُشاركة نُخبة من المسرحيين والفنانين من مُختلف الدول
الخليجية، وكذلك العربية.
ويعتبر الكثيرُ من المُفكرين أن المسرح هو واجهة
حضارية للمُجتمعات، ومن خلاله يُمكن تبادُل الثقافات العالمية، والتعريف بالمنجزات
الإنسانية، ومن خلاله أيضًا يُمكن مُعالجة الكثير من المُشكلات والظواهر الدخيلة
على المُجتمعات، وعن طريقة تُعزز الأفكار الإيجابية وتُغرس القيم والمبادئ
الإنسانية الرفيعة.
المسرح هو جُزُء صغير من مسرح الحياة الكبير؛ فكل
البشر يُؤدون أدوارًا في هذه الحياة الدنيا؛ وذلك وفق منهجية تتسم بمبادئ وتوجهات
واضحة، يرسم خاتمتها الإنسان نفسُه، وفق مُعتقداته وقناعاته وفكره اللامحدُود.
الاهتمام بالمسرح الجاد -في اعتقادي- واجبٌ إنساني
وضرُورة مُلحة، خاصة إذا عرفنا أن الدراسات أثبتت أن ما يُقدم في المسرح له تأثير
على توجهات الناس، ويساعد على تغيير الكثير من المفاهيم الخاطئة، وتوجيهها إلى
جادة الصواب بما يُرضي الخالق، وينسجم مع قيم المُجتمع.
وقد شد انتباهي تصريحُ الفنان القطري غانم السليطي،
الذي استضافه برنامج "هنا عُمان" على تليفزيُون سلطنة عُمان، عندما أشار
إلى أن المسرح يمكن الاستفادة منه في مجال التربية والتعليم؛ وذلك من خلال تجسيد
الدرُوس في قالب مسرحي يُؤديه الطلاب على خشبة المسرح؛ فمن خلال التطبيق
والمُمارسة يُمكن ترسيخ المفاهيم والفكر في نُفُوس الطلاب، وضرب بذلك مثلًا بدرس
الرياضيات إذا ما قُدم بطريقة مسرحية، سيكُون له وقعٌ إيجابي لدى الطلاب أكثر من
الطريقة النظرية التي يُقدم بها، ضافة إلى ذلك يُعلم المسرح الطالب الجُرأة في
الطرح والنقاش، وفن الخطابة والإلقاء.
وفي الحقيقة ما قاله الفنان غانم السليطي فيه
الكثيرُ من الصواب؛ فأذكُر عندما كُنا في مراحل الدراسة، كان هُناك نشاطٌ واسعٌ للمسرح،
وما من مدرسة إلا وبها فرقة للمسرح، بل يُطالب الكثير من المُعلمين بتجسيد الدرُوس
من خلال مشاهد درامية يُؤديها الطلاب داخل الصف، ولا أخفيكم أن هذه الطريقة لها
وقعٌ وتأثيرٌ إيجابيٌ لفهم الدرس بطريقة سريعة.
اليوم.. تفتقدُ الكثير من المدارس وُجُود مسرح يُمارس
فيه الطلاب أنشتطهم المدرسية، على الرغم من حداثة هذه المدارس؛ فأعتقد أن الاهتمام
بالبيئة المادية للتعليم كوُجُود خشبة للمسرح، وصالات مُتعددة الأغراض، يُساعد
كثيرا على اكتشاف المواهب، وصقل القُدرات، وتحفيز المُبدعين.
تجربة مبنى مدرسة جابر بن زيد بالوُطية أُنمُوذج مُهم
في توفير البيئة المادية للتعليم؛ فهذه المدرسة تحتوي على تقسيمات وجوانب مُتعددة
للمدرسة الحديثة، نتمنى تعميم فكرتها على جميع مدارس السلطنة، وهذا يتطلب مُساهمة
فاعلة من قبل كافة قطاعات المُجتمع -بما فيها القطاع الخاص- في دعم أنشطة التعليم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.