الجمعة، 22 أبريل 2016

الجراد

قرأتُ في أحد كتب التاريخ قصة مُفيدة عن الجراد: إنه في يوم من الأيام مرض أحد الأفراد مرضاً شديداً، إلى أن تعبت الأطباء من علاجه لقلة مُلَاقاة أدويته. فلمَّا أشرف على الهلاك، قال الطبيب لقرابته: أطعموه ما اشتهى وأراد، فإنه من الهالكين! وصار المريض يأكُل ما اشتهى وأراد إلى بعض الأيام، فدَار في خاطِره الجراد، فاشترى وأمعن في الأكل منه، فلما أكثرَ منه تعافى من مرضه.
وشَاهَده الطبيب، فقال: بالله عليك، أخبرني بما تناولت من المعاجين أو شربت من الأشربة، وما غداؤك من المآكل؟ فقال: الجراد. فقال الطبيب: صدقتْ؛ لأنَّ الجراد يكُون قد قعد على حشائش يأكل منها، ولم تصل منفعتُها إلى فَهم مخلوق إلى الآن، ووافق خاصية تلك الحشائش لذلك بَرِئت، وكان الجراد واسطة لعافيتك، والله إنِّي نظرت في جميع كُتب الطب على أن أعرف لدائك دواء، فما صحَّ لي من ذلك، فقلت بترك الحمية لك.. انتهى.
زَمَان.. عندما يتكَاثر الجراد لدينا في عُمان، كان الناس لديهم طريقة في مقاومته؛ فيهرع الناس جميعًا من الرجال والنساء والأطفال، ويجهزون عليه بشباك خيشومية لها فتحات صغيرة تُسمى الغل، وإذا كان على الأشجار فيتم عسفه بعصا تُسمى المحجان، ثم يجمعونه في جواني أو خيش، ويطبخونه في مراجل بالماء والملح، ويأكلونه في جلسات مسلية، وله طعم لذيذ، والباقي يتم تيبيسه ويخزن لأيام مقبلة.
طبعًا ذلك هو الجراد الصحراوي الأصفر المهاجر، وليس الجراد المُقيم، والذي يسمى بلهجتنا بالكفان أو جراد مقابر، والتي تُسمى أيضًا بالجنادب، فهي نراها يوميًّا تحوم وتقفز على إضاءة اللمبات والليتات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.