مُنذ سنوات كنت في زيارة لدولة أوروبية، دخلت
مطعما لتذوق ثقافة الطعام في تلك البلد العريق والمُتقدم علميا؛ فتقدم لخدمتي في
ذلك المطعم شابٌّ وسيم، سألته: لماذا أنت هنا؟ قال: ماذا تعني من هذا السؤال؟ قلت
له: في مثل عُمرك يجب أن يكُون في الكلية والدراسة لا في المطعم. قال: أنا كما قُلت،
ولكن وجودي هنا لكي أصرف على نفسي ودراستي.
في نفس الدولة، يحكي لي أحد الأساتذة الكبار
هُناك، قصته لكي يؤمِّن مصاريف دراسته الجامعية، يقول: اتصلتْ به شركة لكي تؤمِّن
له عمل يومي، ذهب إليها، فقيل له: ترى تلك الشاحنة، قال: نعم. قيل له: هي متعطلة
من الأمس، والمطلوب منك الدُخُول في قلاب الأسمنت، وتكسيره وإخراجه منها؛ لكونه قد
نشف وتصلب. يقول: حاجتي للعمل والدراسة دفعتني لدخول ذلك القلاب، فإذا هو نار جهنم
من قوة وصلابة الأسمنت وحرارة القلاب المختزنة فيه. رأيتُ ذلك الأستاذ الذي يُشار
إليه بالبنان في بلده، يخرج من كليته، ويركب المواصلات العامة للوُصُول إلى بيته.
اليوم، تُطَالِعنا الصحُف المحلية بنتائج الفرز
الأول للقبول الموحد للدارسين في المرحلة الجامعية الأولى من طلاب العام الأكاديمي
الجديد، مع وُجُود 6599 مقعدا شاغرا في انتظار الفرز الثاني، وهي متاحة أمام
الطلاب بالمجان، تدفعها الدولة من أجل بناء ورقي الإنسان.
تِلك الجُهُود التي تُقدِّمها الدولة على الرغم من
الظرُوف الاقتصادية التي تجتاح العالم، لم تكن يومًا في عُمان تقف عثرة أمام نشر التعليم
بمُختلف مُستوياته ومراحله.
كلُّ التهنئة للطلاب والطالبات على الإنجاز، وأقول
لهم: مرحلة الجامعة هي مرحلة مُهمة في عمر وحياة الإنسان، وفُرصة كريمة لا تعوض،
فاستثمروا هذه الفُرصة من أجل خدمة أنفسكم، وتطوير قدراتكم وإبداعاتكم وتوسيع
معارفكم، لتسعدوا ويسعد بكم الأهل والوطن في المُستقبل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.