تِلْكَ الصخرة البيضاء المكتسية بلون البلور
الناصع، لا تزال قابعة في بطن واد سحيق مُنذ آلاف السنين.. علامات السنين وبصمات
الأيام وذكريات المكان والإنسان مرسُومة في حوافها المستديرة. خطوط الزمن منحوتة
في هذه الصخرة الصماء. مجوفة في إحدى وجهاتها المشرقة عبر الزمان. كان يجتمع حولها
الصغار والكبار والرجال والنساء لطحن حناء العيد وغسل السدر وحبوب الطعام. يسمُّونها
الموقعة الحجرية. وهي من النوادر؛ فالموقعة عادة ما تكُون خشبية مصنُوعة من خشب
البيذام والسدر وجذوع النخل. أصبحت مزارا للتأمل في تلك الأيدي والأنامل التي وقعت
ذكرياتها على تلك الصخرة البيضاء. تحرُسها تلك الشجيرات من الغاف بأغصانها
الحانية؛ وأوراقها الخضراء الكثيفة كأنها شعر عروس مُستَرسِل على الكتفين. هُناك
من غَيَّر ملامح تلك الصخرة؛ فاكتستْ بالسَّواد وحلاط السخام. وهُناك من أخذ
الصخور المنحوتة بإتقان؛ التي كانتْ تحرُسها وتستخدم كمدق (سفن) عبر دهور ماضية. ما
زالت الموقعة تحن إلى حناء العيد وبهارات الشواء. وهي أيضًا لا تزال متشبثة
بالأرض؛ وحافظة للأسرار والذكريات.
هذه بعضُ الذكريات، والمشاهد، والانطباعات، والمشاعر الشخصية، التي واكب بعضُها منظرًا لصُورة التقطتها من البيئة والطبيعة العُمانية، أو ذكرى من التاريخ والتراث الثقافي انطبعت في الذاكرة والوجدان، أو تأثر وانطباع خاص تجاه موقف أو مشهد من الحياة، أو شذرات من رُؤى ونظرة مُتواضعة إلى المُستقبل، أو وجهة نظر ومُقترح في مجال الإدارة والتنمية الإنسانية.. هي اجتهادات مُتواضعة، من باب نقل المعرفة، وتبادل الأفكار والخبرات، وبهدف التعريف بتراثنا الثقافي (المعنوي، والمادي، والطبيعي)، ومنجزنا الحضاري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.