الأُستَاذ القَدِير حُمُود بِنْ سَعِيد العَادي مِن الشَّخْصِيَّات المُجِيدَة التِي خَدَمتْ الوَطَن ومُجتَمَع قُريَّات بوَلَاء وحُب وإِخلَاص، كَان هُو وخَلفَان بن عَزيز الأخزَمي، وسَعِيد بِن سَالِم الفَارسِي مِنْ أوائِل المُلتَحِقِين بالقِطَاع الصِّحي مِن العُمانيِّين فِي قُريَّات؛ وذَلِك مَعَ افتِتَاح أَوَّل عِيَادة طبِّية فِي قُريَّات فِي فَترَة الخَمسينيَّات مِنَ القَرن المُنصَرِم، وعَلَى الرَّغم مِن تَوَاضُع تِلك العِيَادة ومَا تَمتَلِكُه مِن إِمكانَات طِبيَّة، إِلَّا أنَّ حُمُود العَادِي ورِفَاقِه كَان لَهُم الفَضْل فِي تَسكِين وتَخفِيف الكَثِير مِن الآَلام والأَوجَاع؛ بِمَا تَوافَر لَديهِم مِن أَدويَة، تَعلَّموا بجدٍّ ومُثَابَرة وصَبْر عَلى رَأسِ العَمَل، وحُبِّهم لَوطَنِهم ومُجتَمعِهم كَان سِرَّ نَجَاحِهم ومُنجزَاتِهم.. كَانت لَهُم خَدَمات وَاسِعة فِي مُكافحَة الكَثِير مِنَ الأمرَاض، خَاصَّة المَلاريَا والتَّراخُوما والحَصْبَة وشَلَل الأطفَال، كَانُوا يَجُولون القُرَى وقِمَم الجِبَال وبُطُون الأَوديَة مَشيًا، وعَلَى الدَّوَاب مِنْ أَجْل تَحصِين الأَطفَال وعِلَاج النَّاس، المُنقَطِعة بِهِم السُّبل لعَدَم تَوافُر وَسَائل النَّقل فِي ذَلِك الزَّمَان.. ومَع إشرَاقَة النَّهضَة المُبَاركَة كَان حُمُود العَادِي مِن بَيْن الكَوَادر التِي عَايشَتْ مَرَاحل تَطوُّر خَدمَات مُستشفى قُريَّات، وكَانَت لخِبرتِه وعَلَاقاتِه ومَحبَّتِه للنَّاس بَصَمَات طَيِّبة عَلى صَعِيد مَا يُسمَّى اليَوم بالوَلَاء الوَظِيفي وحُب العَمَل.. حُمُود العَادي يُعدُّ أيضًا مِن مُؤسِّسي نَادِي قُريَّات؛ ففِي مَرحَلة شَبَابِه كَان شُعلَة نَشَاط مِن أَجْل تَوحِيد جُهُود الشَّبَاب لخِدمَة المُجتَمع، فاستَطَاع مَع نُخبَة مِن أَبنَاء الولَايَة المُخلِصِين أنْ يَجمَعُوا تِلكَ الفِرَق المُتناثِرة فِي كِيَان وَاحِد، فكَان نَادِي قُريَّات مَع بِدايَة السَّبعينيَّات، ومَع تَشكِيل أوَّل مَجلِس إِدارَة للنَّادِي كَان حُمُود العَادِي عَلَى رَأس أمَانَة سرِّ النَّادي، وبجُهُودِهم وتَعَاونهِم ومُثابَرَتِهم حقَّقوا الكَثِير مِنَ المُنجزَات الرِّياضيَّة والثقَافيَّة، لا تَزَال مَحفُورَة فِي رُوزنَامة تَارِيخ النَّادي الذَّهبيَّة، لا يُمكِن أنْ تُنسَى أَبدًا.. عَمَل حُمُود العَادِي فِي خِدمَة مُجتَمِعه بصَمتٍ وهُدُوء بَعِيدًا عَن الضَّجِيج، ولَكِن مُنجزَاته هِي اليَوم التِي تَتحدَّث، ولَهَا مَكَانة فِي القَلبِ والوجْدَان، وهُو لَا يَزَال على قِمَّة ذَلِك العَطَاء، فَلهُ مِنَ القلبِ مَحبَّة وتَقدِير ومَزِيد مِنَ الاحتِرَام.
هذه بعضُ الذكريات، والمشاهد، والانطباعات، والمشاعر الشخصية، التي واكب بعضُها منظرًا لصُورة التقطتها من البيئة والطبيعة العُمانية، أو ذكرى من التاريخ والتراث الثقافي انطبعت في الذاكرة والوجدان، أو تأثر وانطباع خاص تجاه موقف أو مشهد من الحياة، أو شذرات من رُؤى ونظرة مُتواضعة إلى المُستقبل، أو وجهة نظر ومُقترح في مجال الإدارة والتنمية الإنسانية.. هي اجتهادات مُتواضعة، من باب نقل المعرفة، وتبادل الأفكار والخبرات، وبهدف التعريف بتراثنا الثقافي (المعنوي، والمادي، والطبيعي)، ومنجزنا الحضاري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.