فِي ذِكِر الحَبِيب الصَّدِيق والأخ العَزِيز خَمِيس بِن سَعِيد البلُوشِي - رَحِمَه الله: بَعضُ الشَّخصيات تَرسُم ذَاكِرتها مَكَانة مُؤثِّرة فِي نُفوسِنا، حتَّى وإنْ غَادَرت هَذِه الحَيَاة القَصِيرَة الفَانِية، تَبقَى أَعمالُها وسِيرَتُها مَاثِلة أمَام أعُينِنا، خَاصَّة وإِذَا كَانَت تِلك الأعمَال مُفعَمَة بالحُبِّ والعَطَاء والعَمَل الجَاد مِن أجلِ الوَطَن وخِدمَة المُجتَمع.. هَكَذا عَرفنَا الصَّديق الوَفي والأخ المُخلِص العَزيز خَمِيس البلُوشِي - رَحِمه الله.. كانَ طَوَال عُمرِه مُحبًّا للجَميع، ليسَ لهُ فِي القِيْل والقَال، شَقَّ طَريقَه فِي الحياةِ وِفقَ رِسالَة ورُؤيَة رَسمَها لمَسَار حَيَاتِه.. لا يَدَّخِر وسعًا فِي خِدمَة النَّاس مَهمَا كَانتْ الظُّروف، كَان رَجلَ عَلَاقاتٍ إنسانيَّة رَاقِية، ولِهَذا كَسَب صَدَاقة ومَحبَّة قَاعِدة وَاسِعة مِن أفرادِ المُجتمَع، كَان وَدُودا مُتواضِعًا لأبعَد الحُدُود، يُكثِر مِن تَواصلِه وتَتبُّعِه لأرحَامِه حتَّى وإنْ بَعُدَت، كَان مُهتمًّا بمعْرِفَة أرحَامِه، ويُظهِر لَهُم المَودَّة والمَحبَّة بزيارَاتِه المُتوَاصِلة، كَان سَخيًّا وكَرِيمًا دُون تكلُّف أو حُبِّ شُهرَة، لا تَعرِف شِمَالُه مَا تُنفق يَمينُه، خَدَم الكثيرَ مِن النَّاس فِي مَجَالات عِدَّة، واستثْمَر عَلَاقاته فِي مُساعَدة الآخرِين دُونَ مِنَّة أو رِيَاء، عَمِل بصَمتٍ دُون ضَجِيج.. هَكَذا عَرفنَاه حتَّى آخِر يَوم مِن حَياتِه. كَان مُتعلِّقا بوَلَايته بحُبٍّ لا نَظِير لَه، لَا يُفَارقها حتَّى فِي أَحلَكِ الظُّرُوف، تَعرَّض لحَادِث سِير مُنذ سَنَوات، أَودَى بنِهَايَة عَاجِلة لهَذِه الرِّحلَة وهُو فِي عُمر الشَّباب.. رَحَل خَمِيس بهُدُوء مُختَتمًا رِحلةً مَليئَةً بالحُبِّ والعَطَاء، وبكَاه الجَميعُ بحُرقَة وأَلَم، ودَّعتهُ الجنِين أيقُونَة الجَمَال الوَارِف بحُزنٍ شَدِيد؛ لأنَّ أعمالَه كَانَت تَطال جُذُور غَافَة الخرُوس، المُمتدَّة فِي عُمق الأَرْض، والمُعَانِقة أَغصانُها الوَارِفة السَّمَاء، والمُكتَنَزَة بجَمِيل الذِّكرَيات، وسِيرَة الرِّجَال الأشم، ودَّعه مَن كَان يَحِنُّ عَليهم بعَطفِه ومَحبَّته بكَلمَات فِيها مِنَ الثَّناء أَعطَره والشُّكر أَوسَعه.. خَلَّد خَمِيس ذِكرَى حَسَنة فِي قُلُوب الكَثِير، وذَاكِرته وسِيرَته الطيِّبة لا تَزَال حَديثَ النَّاس بالخَيْر إلى اليَوْم.. كُنتُ فِي حَدِيثٍ مَع أَحدِهم عَن سِيرتِه، فتذكَّر مَعرُوفه وخَدَماته، ورَأيتُ الدُّموعَ تَهطُل مِن عَينِيه، وعَلَامات الحُزن عَلى فِرَاقه بَادِيَة على مَلامِح وَجْهِه، يَقُول: "هَذَا الرَّجُل لَن أَنسَاه أبدًا"، وَهكذا نَحنُ أيضًا سيَبقَى خَمِيس حيًّا فِي قُلوبِنا ووجدَانِنا مَا حَيِينا.. نَسْألُ اللهَ لهُ الرَّحمَة والمَغفِرة فِي هَذِه الأيَّام الطيِّبة المُبَاركَة.
هذه بعضُ الذكريات، والمشاهد، والانطباعات، والمشاعر الشخصية، التي واكب بعضُها منظرًا لصُورة التقطتها من البيئة والطبيعة العُمانية، أو ذكرى من التاريخ والتراث الثقافي انطبعت في الذاكرة والوجدان، أو تأثر وانطباع خاص تجاه موقف أو مشهد من الحياة، أو شذرات من رُؤى ونظرة مُتواضعة إلى المُستقبل، أو وجهة نظر ومُقترح في مجال الإدارة والتنمية الإنسانية.. هي اجتهادات مُتواضعة، من باب نقل المعرفة، وتبادل الأفكار والخبرات، وبهدف التعريف بتراثنا الثقافي (المعنوي، والمادي، والطبيعي)، ومنجزنا الحضاري.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.