الحمدُ لله، بدأت مُنذ أيام تباشير القيظ في
مُختلف ولايات السلطنة، هُناك عادات عُمانية عديدة لاستقبال هذا الموسم، وجميعها
محفزِّة للتعاوُن والتكافل بين أفراد المُجتمع.
ولثمار النخيل مراحل ومواسم تبدأ بمرحلة الطلع، ثم
التنبيت، ثم التحدير، ثم الخرافة، وأخيرا الجداد، ومسميات نضوج ثمرة النخيل تبدأ
بالطلع، ثم بلح أخضر معلق بالشماريخ -يُطلق عليه العنجزي- ثم الخلال، فالصافور، ثم
يتحول إلى البسر -ولونه أصفر أو أحمر- ثم باسومة، بعدها القيرين والرطب، وأخيرا
السح أو التمر.
وقديمًا، اعتاد الكثير من الأهالي على قضاء أيام
القيظ في الواحات الزراعية، خاصة سُكان السواحل؛ نظرا لارتفاع الحرارة، ويطلق على
الذين يفدون لموسم القيظ في الواحات الزراعية بالحضور، وكان قديما يسود المُجتمع
التعاوُن؛ حيث يُمكن الإقامة المؤقتة خلال فترة القيظ في أي مزرعة بعد استئذان
صاحبها وبدون مُقابل.
ويُقيم الأهالي لهذا الموسم منازلَ لهم للتصييف، تُبنى
من سعف النخيل، ومن مسمياتها: العريش، والخيمة، والكرجين، والسجم، إضافة إلى
المسطاح لتجفيف التمور التي يتم جمعها من تحت النخيل؛ حيث جرى العرف على إمكانية
جمع ما يتساقط من النخيل من قبل أي شخص دُون وُجُود أية موانع من قبل أصحابها،
ويسمى ذلك بالرقاط.
ومن عادات القيظ أيضًا: الطناء؛ وهي عملية مزايدة
علنية لشراء ثمار النخيل، ولها طقوس وعادات معروفة لدى الأهالي، ولها أبعاد
اقتصادية واجتماعية، وهُناك أيضًا: عادة الجداد والتبسيل، والكناز والتنضيد.
وكان الأهالي قديمًا يحرصون على إهداء أول حبات الرطب
للأطفال والجيران، ويسمى ذلك بـ"الثواب"، وعند الجداد ويسمى "التربع"؛
أي: موسم قطع عذوق النخيل، ويقوم بهذه العملية البيدار بمعاونة الجيران، ولهم في
ذلك حصة من الثمار، والبيدار هو من يهتم بالمزرعة وتنبيت وتأبير وشراطة النخيل،
وله مُقابل ذلك عسقة واحدة من ثمار كل نخلة.
وللنساء أيضًا عادة في موسم القيظ؛ حيث يُقدمن
عذوق ثمار النخيل كهدايا لمن لا يملك نخلا، وتسمى هذه العادة عند النساء بـ"السهومة"،
ويقدم أهل الساحل بعض الأسماك المملحة أو المجففة لأصحاب الأموال والنخيل، وبدورهم
يقوم أصحاب المزارع والمقاصير بتقديم بعض الرطب والتمر أو عذوق النخيل عند موسم
الجداد كرد للجميل.
ومن أشهر النخيل في قُريات التي تبتدئ بالقيظ: نخلة
القدمي والنغال، وآخر النخل نُضجا: الخصاب، ويحرص الأهالي على أداء فرض زكاة
التمور. وقديمًا، كانت تسلم لوكيل الدائرة، وهو مُوظف في دائرة جمع زكاة الأموال،
والزكاة قديما تُشكل أحد المصادر الرئيسية لدخل الدولة قبل اكتشاف النفط.
وجميع أجزاء النخلة ومخلفاتها لها استخدامات
عديدة، وللأسف اختفتْ اليوم الكثير من عادات موسم القيظ، لتوافر سبل الراحة
وانشغال الناس، ولكنَّ الكثير من الأهالي يحنُّ إلى تلك العادات القديمة للمُجتمع
العُماني، ويحرصون على استعادتها من موسم لآخر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.