الجمعة، 3 مايو 2013

الاستفادة من تجربة تعاملنا مع الأمطار وتقلبات الطقس

الحمد لله على النعمة الوفيرة التي عاشتها كافة مُحافظات وولايات السلطنة خلال الأيام الماضية؛ فقد عمت الأمطار كافة ربوع البلاد، وسالتْ على إثرها أغلب أودية عُمان، وعمَّ نفعها البلاد والعباد، وهي تبشر بخير عميم، وموسم نماء زراعي وفير خلال الأيام والسنوات المقبلة؛ فهُناك -ولله الحمد- زيادة وفيرة وكبيرة في منسوب مياه الآبار والأفلاج.
الجميع في عُمان يعيش فرحة الأمطار مهما كانت هُناك بعض الأضرار، والجميع أيضًا يتفاخر ويشكر الجُهُود العظيمة التي قامت بها المديرية العامة للأرصاد والملاحة الجوية، والهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف، وشرطة عُمان السلطانية، ووسائل الإعلام المُختلفة خاصة الإذاعة والتليفزيُون، ووزارة التنمية الاجتماعية، ووزارة البلديات وموارد المياه، وكافة الوحدات الحُكُومية بالولايات، والقطاعات الأهلية المُختلفة.
فقد عملتْ جميعهَا بجد وإخلاص ومُثابرة، وحرفية عالية في التعاطي مع هكذا وضع استثنائي، وأسهمت في توعية ومساعدة الناس؛ فكان الجميع يتسمر أمام التليفزيُون أو يستمع للإذاعة لمعرفة الواقع والمُستجدات، بواقعية وشفافية ووضوح، وبقناعة شخصية وإيمان تام بقدرات تلك المُؤسسات وحرفيتها على إعطاء المعلُومات الدقيقة والصحيحة وفي الوقت المناسب.
هُناك أيضًا جُهُود لا يجب تغافلها، إنها تلك اللحمة الوطنية التي نشاهدها من قبل المُواطنين ومُؤسسات المُجتمع المدني في كافة الولايات، والتي تُشكل أحد مُقومات الدولة العصرية، وإحدى القوى الرئيسية الفاعلة في المُجتمع المتحضر، وكشريك أساسي في التنمية مع الحُكُومة والقطاع الخاص ضمن إطار الثقافة المدنية ورأس المال الاجتماعي للدولة.
فقد عملتْ هذه المُؤسسات التطوعية -جنبًا إلى جنب- على مساعدة كافة الجهات المُختصة في الدولة؛ لتأدية دورها وواجبها بطريقة صحيحة. وها هي الآن تعمل بصمت في تقديم المساعدات بكافة أنواعها، وإصلاح ورفع ما خلفته الأمطار والأودية من أضرار في الممتلكات العامة والخاصة؛ فنحن نعيش بحق في جو يسوده التعاوُن والتعاضد والتراحم والتكافل في فعل الخير، وثوابه وأجره عند الله سبحانه وتعالى، وهو شعور إنساني سامٍ لدى الإنسان نحو مُجتمعه ووطنه وأمته.
وفي الجانب الآخر، يجب علينا أنْ نستفيد من تجربة تعاملنا مع هذه الأمطار وسيول الأودية من كافة النواحي: التخطيطية، واللوجستية، وعمليات الإغاثة، وتقديم المساعدات للسكان؛ فقد أثبتَ الواقع والمُمارسة أنَّ هُناك بعض الإخفاقات في بعض مرافق البنية الأساسية، خاصة فيما يتعلق بمسارات الخدمات كالطرق وخطوط الكهرباء... وغيرها من الخدمات، وكذلك من ناحية دُخُول المياه للمنازل، وغيرها من المُؤسسات التي بنيت في مسارات ومجاري الأودية.
لهذا؛ فمن المُهم بمكان إجراء مُراجعة شاملة لمسارات الخدمات في كافة الولايات، والعمل على وضع خُطة إستراتيجية لتخطيط المدن، تراعَى فيها ظرُوف الحياة وتقلبات الجو وتغير المناخ والبيئة، والاهتمام بمُعالجة تصريف مياه الأمطار بطريقة علمية وواقعية؛ بحيث لا تتسبب في انقطاع حركة السير وعرقلة تحرك السكان مهما كانت قوة الأمطار، إضافة للعمل على وضع خُطة إستراتيجية لإدارة الأزمات، والتركيز على ضرُورة توافر أماكن مجهزة في كافة المُحافظات والولايات لعمليات الطوارئ والأزمات، والاهتمام بتدريس مثل هذه الجوانب في المدارس والجامعات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.