يُنادي الكثير من عُلماء ومفكري الإدارة المُعاصر
بمفهُوم جديد يطلق عليه "الإدارة بالتجوال"، وهي فلسفة إدارية لها تأثير
نفسي وإنساني على الأفراد وهم يرون رئيسهم يتجول بينهم، ويشد من أمرهم، ويشجعهم
ويحفزهم على المزيد من الإبداع والجهد والعطاء.
وتؤكد هذه الفلسفة أنَّ القائد الإداري يجب عليه
أن يعيش الواقع، ولا يجعل نفسه في برج عاجيٍّ تقوده الأوهام ويعيش في الأحلام،
ينسجها له بعض الحاقدين وضعاف النفوس والمتملِّقين، المجيدين للكلام والانتقاد دُون
الأفعال، والذين يوهمون أنفسهم بالمثالية.
وأسلوب "الإدارة بالتجوال" ليس بهدف
المراقبة والتحكم والسيطرة، وإنما بهدف بث الحماس ورفع الروح المعنوية لدى
العاملين، وتفعيل المُشاركة الجماعية؛ مما يجعلهم يشعرون باهتمام القيادة بهم، وبما
ينجزونه من أعمال، وقد أسهمت هذه الفلسفة في مُعالجة الكثير من المشاكل وسرعة
حلها، وكسر حواجز العزلة والرسميات ومُعالجة أسوار الاغتراب بين القائد
والمرُؤُوسين، واكتشاف المواهب والمُبدعين.
استمعتُ، اليوم، إلى اللقاء الإذاعي مع الأستاذة
زوينة المحروقية، هذا اللقاء الذي استمرَّ على مسار حلقة كاملة من برنامج "منتدى
الوصال" على إذاعة الوصال. وحسب متابعتي، فإنَّ هذا اللقاء قد حظي بمتابعة
جماهيرية كبيرة من قبل المستمعين، وتداخل فيه بالمُشاركة مجمُوعة من التربويين
والمهتمين بالشأن التربوي والتعليمي في السلطنة.
وزوينة المحروقية هي مُديرة لمدرسة عائشة الريامية
للصفين الحادي عشر والثاني عشر للبنات، في ولاية بُهلا بمُحافظة الداخلية، وعدد
طالباتها 590 طالبة، وعدد كادرها الإداري والتدريسي قرابة 58 امرأة.
في يوم الأربعاء -الموافق 15 مايو- زار هذه المدرسة
سعادة وكيل وزارة التربية والتعليم للتخطيط التربوي وتنمية الموارد البشرية؛ بهدف
الاطلاع على جُهُود المدرسة وإدارتها في تنفيذ برنامج التواصل بين المدرسة
والمُجتمع.
سعادة الوكيل رجع من زيارته تلك بشعور وانبهار لا
يُوصف، ووقف على إنجازات غير مسبوقة في مجال الإدارة المدرسية، وكتب سعادة الوكيل
شخصيًّا على صفحته بشبكة التواصل الاجتماعي عن تلك الزيارة، وأشاد بما شاهده على
الطبيعة، وبما تقوم به المدرسة من جُهُود في خدمة التعليم والمُجتمع، وأثنى على
مدى تجاوب الأهالي مع إدارة المدرسة. مُوضحا سعادته أن هذه المرأة مُدرِّسة عُمانية،
في بيئة عُمانية، وبإمكانيات وظرُوف عُمانية، وكادر عُماني، وطالبات عُمانيات؛ فهي
لا يميزها شيء عن غيرها من مدارسنا من حيث الإمكانات الموفرة لها، لكنها تُدَار بكفاءة
عُمانية عالية.
تلك المشاعر التي أبداها سعادة الوكيل كانَ لها
تأثيرٌ إيجابيٌّ كبيرٌ في نفوس كافة العاملين في تلك المدرسة، بل في كافة مدارس
السلطنة، وأصبحت هذه المدرسة حديث الجميع عن إنجازاتها.
لدى مُتابعتي للقاء الإذاعي هذا اليوم، وجدثُ في
حديث الأستاذة زوينة المحروقية، هذه القائدة الفذة التي استطاعتْ أن تصنع النجاح، وتحقِّق
التميز لمدرستها ومُجتمعها، بفكرها ومُبادراتها وإبداعها في مجال القيادة
والإدارة، وعجبتُ كثيرا بالجرأة التي تتميَّز بها في الطرح والمناقشة وإبداء الرأي.
فقد استطاعت هذه المرأة، بجُهُودها وفكرها المتجدد،
إيجاد علاقة مُشاركة وتعاوُن بين المُجتمع والمدرسة، ووظَّفت كافة الإمكانات
المتاحة لها بطريقة صحيحة، وعملتْ على تطبيق الإدارة بالمُشاركة، وتجلَّى ذلك في مُشاركة
كافة العاملين في المدرسة عند إعداد الخُطط وتنفيذها، بل طبَّقت مفهُوما جديدا في
الإدارة بأنْ سخرت مهاراتها القيادية في تعليم المعلمات أصول وفُنُون الإدارة، وبما
تُسمِّيه التدوير الوظيفي بين المعلمات على وظيفة مديرة المدرسة؛ وذلك بهدف تكوين
صف ثانٍ لإدارة المدرسة.
طبَّقت هذه المديرة أيضًا أساليب إدارية راقية في
مجال التحفيز والدافعية، والعمل بروح الفريق الواحد، واستخدمتْ طرائق حديثة
تعليمية وتربوية؛ بهدف الارتقاء بمُستوى التعليم بالمدرسة، ولديها خُطة لإدارة
الطوارئ والأزمات، وصمَّمت برامجَ للتواصل مع المُجتمع؛ لهذا تجاوب معها كافة
أفراد المُجتمع ومُؤسساته المُختلفة. فقد أصبحت زوينة المحروقية، اليوم، أُنمُوذجا
عُمانيا مشرفا في العطاء والتميُّز من أجل خدمة التعليم وبرامجه المُختلفة.
كل الشكر والتقدير لهذه المرأة المخلصة، ومن يعمل
معها؛ فهم بحق فخرٌ لهذا الوطن العزيز، وكل الشكر لسعادة وكيل وزارة التربية والتعليم
للتخطيط التربوي وتنمية الموارد البشرية على هذا النهج الفريد في دعم وتحفيز
الكوادر المُبدعة؛ فلولا زيارة سعادته لتلك المدرسة، وتطبيقه مفهُوم الإدارة
بالتجوال، ما كُنا نعرف على هذا الإنجاز الوطني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.