الثلاثاء، 28 فبراير 2017

تجليات الإعلام الجديد في سماء مشوهة

تابعت اللقاء الإذاعي مع مديرة مركز الدراسات والبحوث بمُؤسسة عُمان للصحافة والنشر والإعلان بإذاعة الوصال، وقد تنبأت باضمحلال وتراجع تأثير الصحافة الورقية خلال السنوات القادمة، مقارنة بالدور المتنامي للصحافة الإلكترُونية، وتوجهات الشباب إلى وسائل التواصل الاجتماعي وشبكة المعلُومات الدولية للحُصُول على الخبر والمعلومة، مشيرة إلى ما يُسمى بالمُواطن الصحُفي، الذي يتولى بنقل الخبر والمعلومة والأحداث بصفته شاهد عيان عليها.
الصحافة التشاركية والتفاعلية هي خيارات مُستقبلية مُهمة يجب على وسائل الإعلام الانتباه إليها والاستثمار فيها بطريقة تتوافق مع قيمنا ومُرتكزات ومبادئ إعلامنا ومسؤُوليته الاجتماعية والوطنية، فالنقلة المتسارعة للتكنُولُوجيا وتطور الاتصالات غيرت الكثير من المفاهيم والتوجهات السائدة في الإعلام، وهي طفرة عالمية يجب التأمل فيها والتفاعل معها بحذر وإيجابية أيضا.
ولهذا يتطلب من المُجتمع والمُؤسسات خلق وغرس قيم ثقافية واجتماعية في عقول ووجدان المُجتمع، خاصة جيل الشباب في كيفية التعامل مع هذه التقنية والتوجهات الجديدة، وهذا ما يتطلب أيضًا احداث نقلة نوعية في التعليم، فيما يتعلق بهذا المجال.
فمسألة إدراج التربية الإعلامية والمعلُوماتية ضمن المناهج التعليمية أصبح مطلبا مهما وملحا اليوم، فهي وسيلة مُهمة في تثقيف الأجيال على أهمية التعاطي مع مُختلف وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعية والمعلُوماتية، بطريقة تُسهم في التعامل بإيجابية مع كافة التحديات التي تواجه العالم اليوم، والعمل على تفادي سلبياتها بطريقة واقعية.
وإدراج مثل هذه المواد التعليمية في المناهج الدراسية تنادي به اليوم العديد من المُنظمات العلمية والثقافية والدولية، وكذلك الكثير من الدول المُتقدمة، وقد عملت الكثير منها على تدريس الطلاب في مُختلف مراحلهم الدراسية مبادئ الإعلام وتبادل المعلُومات، وتعمل على تبصير الناشئة لأهم الإيجابيات والسلبيات للإعلام الجديد.
للأسف الشديد في عالمنا العربي، هُناك من استغل شبكات الإنترنت والمنتديات ووسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي في تغيير الأفكار بتسرع وانفعالية، ونشر الشائعات والأخبار المضللة دُون التأكد من صحتها أو التعرف على توجهاتها ومقاصدها وحقيقتها، والكثير منها تفضي إلى انتشار الفوضى واضطراب الأمور وكثرة القيل والقال والتأثير في نفسية الجماهير والرأي العام، فكما قيل الإشاعة أقوى من الحقيقة في بعض الأحيان، فالإشاعة بطبيعتها مجنونة وكارثية إذا ما غابت أو شوهت الحقيقة، وهيئت لها الظرُوف والوسائل والبيئة المناسبة لانتشارها، دُون أن يتم توقيفها عند حدها بمنهجية واقعية، تتسم بالمُشاركة والدراسة لتوجهات الرأي العام.
فقد صارت للأسف الشديد هذه الشبكات مسرحا يعبث فيه الجهلة والغوغاء بأمن الناس وسلامتهم وراحتهم، دُون أن يحسبوا أي حساب للكلمة وتأثيرها، والإساءة إلى بعض المُؤسسات والشخصيات، فانساق وراءهم بعض العامة، ووقعوا في تقليدهم، فغاب الحُوار العقلاني الهادي، والمحاجة المنطقية القائمة على الواقعية والدلائل والبراهين.
فصارت تلك المواقع والمنتديات مصدرا رئيسا لهم في بث سمومهم وأفكارهم التحريضية، فغابت عندها الرؤية والثقة والمصداقية في هذه الوسائل الحديثة، التي هي أساسا وجدت من أجل خدمة المعرفة والإنسانية ونشر الخير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.