في العُرف الزِّراعي القديم هُناك علاقة مُهمة بين
الثور والبيدار؛ فقد كانت تلك العلاقة تتَّسم دوما بالتكامل والتعاوُن من أجل موسم
زراعي ناجح؛ فالثور هو حيوان ضخم وقوي؛ ولهذا استثمره البيدار (المزارع) بسياسة
الترغيب والترهيب في عمليات الحراثة ورفع المياه من الآبار، بما يُسمى بالزاجرة.
هذا المساء، كُنا على موعد مع مسرحية رائعة بعُنوان
"الثور والبيدار"، جسَّدها شباب فريق اتحاد حيل الغاف بنادي قُريات على
خشبة مسرح معاهد العلوم الصحية بالوطية، ضِمن مسابقة شبابية تنظمها وزارة الشؤون
الرياضية سنويًّا على مُستوى أندية ولايات السلطنة؛ تحت مسمى "مسابقة إبداعات
شبابية".
المسرحية قدَّمت قيمة فنية وإبداعية رائعة؛ تنمُّ
عن جهد مضنٍ قد بذله الشباب من أجل الوُصُول بها إلى هذا المُستوى الفني الراقي، رغم
الإمكانات المحدُودة المتوفرة لديهم.
وفي الوقت ذاتِه، وُفِّق مؤلف المسرحية ومخرجها في
توصيل العديد من الرسائل المُهمة عبر الأحداث المترابطة للبنية الدرامية،
والدلالات الرمزية واللفظية غير المُباشرة للمسرحية.
ونجَح المخرج جدا في استثمار اللهجة الدارجة
القديمة والقدرات الفنية للممثلين كأداء تمثيلي، وفي حَرَكاتهم على خشبة المسرح، رغم
بساطة الديكور والرؤية السينوغرافية. كما كانت لغة أجسادهم المتناغمة مع عناصر
الرؤية العامة للمسرحية وحبكتها الدرامية تنمُّ عن احترافية متقنة لبعض الممثلين.
النهاية المفتوحة للمسرحية جعلتْ من المشاهد
والمتلقي في حيرة من أمره، لكي يفكر في سؤال مفتوح على مصراعيه: هل للصراعات
والاختلافات البشرية والفكرية نهاية؟ ومتى ينتهي الشر من قلوب البشر؟
لقد سعدتُ جدًّا بالمشاهدة والتأمُّل في هذا الجهد
الفني الطيب والممتع، مُتمنيا لشباب فريق اتحاد الحيل كل التوفيق والنجاح، شاكرا
لوزارة الشؤون الرياضية جُهُودها الدؤوبة من أجل دعم جُهُود الشباب والارتقاء
بإبداعاتهم ومواهبهم.
وفي خِتَام تسجيل انطباعي هذا، أقول: المسرح
العُماني انطلق من الأندية، فإذا ما أردْنَا تطوُّرا للمسرح وللثقافة بصُورة عامة،
فعلينا الاهتمام بالنشاط الثقافي والفني والاجتماعي في الأندية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.