في بداية تسعينيات القرن الماضي، تشرَّفتُ برئاسة
اللجنة الثقافية والفنية بنادي قُريات، استمرَّت عضويتي لعدة سنوات، وقد سعى مجلس
إدارة النادي حينها لإعادة الحراك الثقافي والفني والاجتماعي، على الرغم من
الموازنة المُتواضعة التي كانت تعتمدها الهيئة للنادي، والتي لا تتجاوز أربعة آلاف
ريال عُماني سنويًّا، ولجميع الأنشطة الرياضية والثقافية، وكذلك المصاريف الإدارية
الأخرى كمصاريف الماء والكهرباء.. وغيرها، وطبعا الجانب الرياضي له نصيب الأسد من
هذه الموازنة.
فكَّرتُ كثيرا في هذا الجانب، فاعتمدنا حينها على
تطبيق إستراتيجية إدارية، وهي الإدارة بالمُشاركة والإدارة بالأهداف، وقد نجحنا
غاية النجاح في ذلك: رياضيًّا، وثقافيًّا، وفنيًّا، وإنجازات النادي خلال تلك
الفترة خير شاهد على ذلك، ولعلَّ يوما أكتب عن هذه المرحلة بتفصيل أكثر، بهدف نقل
الخبرة والمعرفة.
كانت حينها الإدارة المشرفة على النشاط الثقافي
بالهيئة العامة لأنشطة الشباب الرياضية والثقافية (وزارة الشؤون الرياضية حاليا)،
المديرية العامة للنشاط الثقافي والاجتماعي، وآخر من ترأسها الأديب والمُثقف هلال
العامري، قبل نقلها تنظيميًّا إلى وزارة التراث والثقافة بمسمى المديرية العامة
للآداب، والتي يترأسها حاليا الدكتُور هلال الحجري.
عودًا إلى تلك المرحلة، كانت تلك المديرية تنظم مُسابقات
سنوية بين الأندية في شتى مجالات الثقافة والمعرفة؛ من بينها: مسابقة ثقافية وأخرى
دينية وأخرى فنية، وتشهد مُشاركة واسعة من قبل شباب السلطنة.
من بين الذكريات الجميلة في تلك الفترة رغم
قسوتها: دخلنا منافسة قوية على مُستوى أندية مُحافظة مسقط؛ فحقق الشباب المركز
الأول بجدارة، وعليه تطلَّب منا الدُّخُول في منافسة أخرى على مُستوى السلطنة،
وتقرر حينها أن تكُون تلك التصفيات في ولاية صحار، وكانت في شهر رمضان.
خَرجنا من قُريات في سيارتنا الخاصة، وفطرنا في
الطريق، ووصلنا صحار، وكانت كل الفرق تخشى فريقنا لسمعته القوية، وعندما تقدمنا
لتسجيل أعضاء الفريق، فوجئنا بأنَّ هُناك شرطا قد وضع يحدد عمر المتسابق؛ الأمر
الذي استدعى استبعاد بعض أعضاء الفريق، على الرغم من مشاركتهم على مُستوى أندية
مُحافظة مسقط، وعدم علمنا بهذا الشرط، ولم نشعر به قبل التوجه إلى صحار.
اعترضَ أعضاءُ الفريق على هذا الأسلوب، وقرَّروا
الانسحاب، تدخلت حينها في الأمر؛ فقلت لهم: انسحابنا يعد نقيصة لنادينا، الذي
قطعنا هذه المسافة لتمثيله؛ فشجعتُهم على دُخُول المنافسة مهما كانت النتائج؛ فدخلنا
بفريق غير مُكتمل العدد، بعدما تمَّ استبعاد أحد أعمدته، فخرج الفريق من تحقيق
المركز الأول.
شَعَرنا حينها بألم كبير، فقرَّرنا العودة لقُريات
في نفس الليلة، وما إن وصلنا قرب المنظرية نام السائق، وهو أحد أعضاء الفريق، وإذا
بالسيارة تصطدم بحاجز الطريق، وأتذكَّر حينها كنا مُتعَبين حزنا وجوعا، ونحن في
ذلك المكان تكرَّمت علينا السماء برشَّات من المطر الخفيف، أزالت عنَّا ما كُنا
فيه، لنصبح حينها على رذاذ المطر، وبهجة يوم جديد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.