الخميس، 21 يونيو 2018

العناية بالحيوان

يُؤكِّد الكثير من العُلماء على أنَّ هُناك أكثر من مليوني نوع من الحيوانات تعيش بيننا، والذي تعرف عليه الإنسان من هذه الحيوانات، واستفاد من خيراتها القليل القليل، وتلك الدواب تعيش في الأرض والفضاء كأممٍ لها نظامها وظرُوفها في الحياة، وهي جميعها مُسبِّحة لله، كما أخبرنا عنها القرآن الكريم: " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ.."، وهي أيضًا مؤدِّية دورها الحيوي في خلق التوازن البيئي في هذه الحياة.
وهُناك سُوَر عديدة في القرآن الكريم سُمِّيت بأسماء حيوانات، وهُناك أيضًا آيات عديدة أشارت إلى العديد من الحشرات والحيوانات، وهي دلالة عظيمة على نعم الله على الإنسان بأن سخر له كل ما في هذا الكون.
ويُرْوَى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حول أهمية الرحمة بالحيوان: "بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً، فنزل فيها فشرب، ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش، مثل الذي كان بلغ بي، فنزل البئر فملأ خفه، ثم أمسكه بفيه، فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرا؟ فقال: نعم، في كل ذات كبد رطبة أجر".
الإسلام يحُثنا دومًا على أن نتعامل مع كل هذه الكائنات الضعيفة بالرحمة؛ لهذا سُنَّت العديد من القوانين والأعراف القديمة التي تنظم علاقة الإنسان بالحيوان، وهي قائمة دومًا على الرحمة وإدراك أن كل شيء أو مخلوق له دور في هذه الحياة.
العُمانيون من الشعُوب العريقة التي أولت الحيوان جل العناية، وهُناك سنن وأعراف قديمة لدى العُمانيين تُسمى "سنة البر"، وأخرى تُسمى "سنة البحر"، تنظم كل صغيرة وكبيرة في التعامل مع الحيوان وطريقة استخدامه أو صيده، وهي تلقى الاحترام والتقدير من جيل إلى آخر حتى اليوم.
المتجول في جبال عُمان الثرية يجد الكثير من الحفر التي نحتها العُمانيون بأيديهم في الصخر؛ من أجل تجميع مياه المطر وتخزينها للاستفادة منها متى ما انقطع الغيث وجفت الأرض وانتشر المحل، تلك الحفر يسمونها بـ"الخرس" ولا يغطونها، رغم حاجتهم للماء، وإذا سألتهم لِمَ ذلك؟ يكُون الجواب: هُناك من يعيش بيننا، فلهم الحق علينا أيضًا للشرب، ويقولون أيضا: النهار حال ناس والليل حال الناس.. يقصدون بذلك أن هُناك من الهوام والدواب تأوي إلى تلك الأمكنة للورد أو الشرب متى ما هجعت الناس في الليل.
كما إذا رأوا قاطور أو قطار ماء من سفح جبل، أقاموا حوله حوضا لتجميعه لغرض أن تروي دواب الأرض من ذلك الماء، بل من اهتمامهم بالحيوان تجد هُناك من وقف أموالا لغرض تغذية وسقاية ورعاية الطيور والحيوانات.
وكان قديمًا إذا ما خرجوا إلى صلاة الاستسقاء، أخرجوا معهم البهائم، وحملوا معهم الأعلاف كالقت الأخضر وعوادم التمر كصدقة لتغذية وإطعام الحيوانات في ذلك اليوم؛ لطلب الرحمة والغيث من الله، وفي صيغة دعاء طلب نزول المطر أو الغيث يتوسلون بضعف البهائم الرتع، وجدْب المراعي.. رغبةً في رحمة الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.