من ملامح الرفق بالحيوان عند العُمانيين تلك
اللمسات الإنسانية، المليئة بقيم الرحمة والعطف، عند تعاملهم مع الحيوان؛ فمثلا:
كان قديما يعتمد في متح أو رفع المياه من الآبار العميقة على الأبقار، فيما يُسمى
بالزاجرة؛ فكان صوت المنجور وسيلة مُهمة لتسلية الثور، وهو يجر تلك الدلو الضخمة
المحملة بالمياه، كما يطربه صوت البيدار، وهو يترنم بأعذب الكلمات مدحا في ذلك
الحيوان الأليف.
هَكَذا هي المرأة العُمانية أيضًا، عندما تلاقي شياهها
بعد عودتها من المرعى، فتستقبلها بصوت موسيقِي ومفردات جميلة اعتادتْ عليها تلك
الحيوانات مع كل مساء؛ فتتجمع حينها حول راعيها في علاقة حميمية عُنوانها الإحسان؛
حيث يُطعمها الراعي بيده من التمر والعلف.
وكذلك هي التعويبة: أغاني الرعاة في الفلاة، كانت
تُشكل موسيقى قولية، لكي تطرب الحيوان ويستريح في مرعاه. كذا هي الجِمَال وهي تقطع
الفيافي والجبال، تخب وتتهادى على أغاني التغرود، التي يتغنَّى بها الجمال بصوته
العذب.
قديمًا أيضًا نادرًا ما تسمع كلمة
"أعلاف" عند تقديمها للحيوانات؛ فاللفظة القديمة لما يقدم للحيوان هي:
الطعام، يقال: أعطي الهوش طعام، أي قدم للماشية الأعلاف، والقت (البرسيم)، يُسمَّى
بالدارجة أيضًا طعام، فكل ما يقدم من أعلاف خضراء تُسمى طعام، والوعاء الذي يعلف
فيه الأبقار، ويصنع من جذع النخل، يسمى أيضًا مطعم.
وإذا أراد القصاب أن يُذكي أو يذبح حيوانًا، قدم
له أولا الماء والطعام، ورش على ظهره بعض الملح، فبعد أن يأخذ الحيوان مبتغاه أو
حاجته من الطعام والشراب، يقوم القصاب بما أمر به؛ حيث تتجلى حينها في تصرفه أعظم
قيم الرفق بالحيوان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.