جَبَل السعتري، ووادي مجلاص، يُشكلان ذاكرة
تاريخية وبيئية لولاية قُريات؛ فالسعتري بامتداده وعنفوانه وهيبته ذاكرة طبيعية
بما يزخر به من أشجار ونباتات وحياة فطرية نادرة، وعلى رأسها: نباتات الزعتر.
ومجلاص أيضًا ذاكرة مُهمة له ارتباط وثيق بحياة الإنسان؛ ففي باطنه المياه العذبة
الوفيرة، وعلى سطحه خيرات عديدة.
السعتري ومجلاص مُتلَازِمان في الامتداد وُصُولا
إلى البحر، وفيهما الأسرار الكثيرة لقراءة تاريخ المكان، ولعلَّ المغارات والكهوف
والمآثر الإنسانية خَيْر شاهد على عراقة تلك الأماكن المنزوية عن عيون الكثير.
مَغارة الصلحة -أو حاكة الصلحة، كما يُسمُّونها- لها
قصة قديمة، تحيط بها الكثير من الآثار القديمة، تفاجأتُ اليوم كأنْ لم يكن لها
وجود: عوامل عديدة طبيعية وإنسانية تسبَّبت في طمس واندثار وتغيير معالم المكان؛ فهي
متروكة لتقديرات أهل الاختصاص وأهل المكان.
قصَّة مغارة الصلحة حكاية قديمة تعود إلى آلاف
السنين، تحكي الرواية أن ذلك المكان كان يوما مأهولا بالسكان، وهُناك مستوطنة
بشرية وحضارة إنسانية قامتْ على ضفاف ذلك المكان؛ تشتمل على مزارع وسوق ومنشآت
عُمرانية، هُناك قبور قديمة لا تزال إلى قريب موجودة، ولها أشكال دائرية.
مَغارة الصلحة لها امتدادٌ في عُمق جبل السعتري، يُحكى
أن جديا دخل في هذه المغارة، فوجده صاحبه في قرية السيفة على مشارف مسقط، يُعشِّش
في هذه المغارة طيور مُختلفة -من بينها الخفاش- كان سُكان المكان يجمعون مخلفاتها،
وتُباع بأثمان غالية على المزارعين لتسميد الخيار.
بالقُرب من هذه المغارة فرنٌ نُحِت في الصخر، يُقال
إنه لصناعة الحلوى، كان البدو يتخذون من هذه الحاكة مسكنا في الشتاء وعند هطول
الأمطار وطغيان وادي مجلاص على أسفل المكان.
هُناك نيَّة لسبر أسرار هذه المغارة، سيقوم به
شباب متعطش لمعرفة سر هذه المغارة، وامتدادها المجهُول، وحكاياتها المخيفة، وقصصها
الشيقة، وتاريخها العريق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.