هذه بعضُ الذكريات، والمشاهد، والانطباعات، والمشاعر الشخصية، التي واكب بعضُها منظرًا لصُورة التقطتها من البيئة والطبيعة العُمانية، أو ذكرى من التاريخ والتراث الثقافي انطبعت في الذاكرة والوجدان، أو تأثر وانطباع خاص تجاه موقف أو مشهد من الحياة، أو شذرات من رُؤى ونظرة مُتواضعة إلى المُستقبل، أو وجهة نظر ومُقترح في مجال الإدارة والتنمية الإنسانية.. هي اجتهادات مُتواضعة، من باب نقل المعرفة، وتبادل الأفكار والخبرات، وبهدف التعريف بتراثنا الثقافي (المعنوي، والمادي، والطبيعي)، ومنجزنا الحضاري.
الاثنين، 30 يونيو 2014
من الذكريات
مرَّة زار أحد الأصدقاء مجمُوعة من المعلمين لقضاء
العطلة الصيفية في الإسكندرية؛ للاسترخاء بعد عناء عام دراسي كامل، استضافَهم
صديقنا، إلا أنهم أصرُّوا على استئجار شقة لهم. فخرجوا من عنده وتلقَّفهم واحد
مطوع (شكلًا فقط) لحية ومسباح.
سألهم: عايزين إيه يا شباب. قالوا له: نريد نستأجر
شقة لمدة عشرة أيام. قال لهم: موجودة، تعالوا معي. ذهبوا معه وهو يُغدق عليهم
بالكلام الجميل والمعسل. قالوا هذا رجل فاضل سيحل لنا مشكلة إيجار الشقة. دخلوا
معه إحدى العمارات، وفتح لهم إحدى الشقق الراقية، واتفق معهم على الإيجار.
وافقوا الرَّبع.. وطلبوا أن يذهبوا لشقة صديقهم
ليحضروا شنطهم. قال لهم: بس صاحب الشقة عايز المقدم. قالوا له: بس نحن لسه واصلين،
ومصرفناش العملة بعد، وعندنا ريالات عُمانية.
ردَّ عليهم: ريالات عُمانية، وماله دا أنا بجيب
لكم صرف كويس أحسن من الصراف. أدوني الريالات، وعلى ما أنتم تذهبوا وتجيبوا الشنط،
أنا بكون حولت لكم الريالات إلى جنيهات.
وثقوا أصحابنا بالرجال، متوقعين أنه أحد المطاوعة،
وسلموه الريالات. ذهبوا إلى شقة صاحبهم، وحملوا الشنط، وودَّعوه بأنهم استأجروا
شقة بسعر طيب. انتظروا تحت العمارة بانتظار المطوع.. طالت المدة، سألوا عنه، قيل
لهم: منعرفوش.. الراجل فص ملح وذاب. اتصلوا على هاتفه.. مغلق.
رجعوا إلى صاحبهم، حدَّثوه بالسالفة. قال لهم:
الريالات طارت، لا تغرُّكم المظاهر هذا الزمان، ويُمكنكم أن تبلغوا الشرطة إذا
أردتم. قالوا: نحن زيارتنا لعشرة أيام للاسترخاء، ما فينا رأس حال السيرة والجية.
ذكريات
من ذكريات فترة الإقامة في مصر من أجل الدراسة
لمرحلة الماجستير؛ وذلك قبل أكثر من أحد عشر عاما، هي تلك الحميمية التي كانت
تجمعنا بالأصدقاء زملاء الدراسة، من كل شتى بقاع العالم العربي.
تميَّز العُمانيون بالجدية في تأدية الواجب؛ لهذا كان
من بين دفعتي شباب مخلصون للعلم، حتى إنني لم أجد أحدًا منهم تأخر يوما عن مُحاضرة،
وكانوا أكثر التزاما بنظام الكلية من غيرهم، لهذا توج عدد منهم بالمراكز الأولى
على تلك الدفعة.
مِن حرصهم على عودتهم إلى أرض الوطن فور انتهاء
مُتطلبات تخرجهم، لم يتأخر واحد منهم من أجل حضور حفل التخرج؛ لأنَّ ذلك يتطلب
منهم قضاء أيام في مصر حتى يحين موعد ذلك الحفل، حتى لباس التخرج تم إرساله إلينا
عن طريق زميل لنا من مصر، وحتى اليوم لا يزال في غلافه لم أفتحه، فقد كان كل منا
حريصا على العودة بسرعة إلى عمله وخدمة وطنه.
يقُول صديقنا المصري إنَّه في خلال الحفل -والذي
كان تحت رعاية شخصية مرموقة من مصر- تمَّ مناداة الأوائل، وكلهم من عُمان، ولم
يخرج أحد من الحاضرين؛ الأمر الذي جعله يستلم دروع التقدير عنهم.
من الطرائف الجميلة في فترة مثل هذا الشتاء
البارد، كُنا في إجازة قصيرة قضيناها هنا في عُمان، وبعد عودتنا إلى مصر، وكان ذلك
في شهر يناير، تصادَف سفرنا مع أحد الأصدقاء المخلصين من عُمان، كان معه أسرته وأطفاله
الصغار.
بعد وُصُولنا مطار القاهرة، حرصت على أن تكُون
عودتنا إلى الإسكندرية -حيث أقيم- بالقطار؛ لأنه أكثر أمانًا وسرعة من وجهة نظري،
وهذا ما كُنت متعوِّدا عليه باستمرار، وما يُميز مصر أن فيها العديد من الخيارات
في مجال النقل الداخلي.
صَديقنا الحبيب اقترح أن نستأجر سيارة من إحدى
الشركات السياحية في المطار، وهي نعتبرها تجربة جديدة، واحترامًا له وتقديرا
للزمالة التي قضيناها لسنوات، استجبتُ لمُقترحِه لنخوض هذه التجربة، وكان حينها
فصل الشتاء في أشده، والبرد يكسر العظام.
استأجرنا السيارة التي يَصِفها صاحبها بالليموزين،
وموديلها جديد، وكل شيء على التمام، قلنا: يا عم، توكلنا على الله، طالما كل شيء
على التمام.
خَرجنا من المطار، وركبنا السيارة، فإذا هي سيارة
عبارة عن "باص" ركَّاب صغيرة، جينا على التكييف فهو لا يعمل، "فين
التكييف يا عم". قال لنا السائق: الهواء بره طرَاوة، قلنا: "تمام، هيا
انطلق بنا حتى لا يحل علينا الظلام في الطريق". قال: "سأسلك بكم الطريق
الصحراوي؛ لأنه سالك بدلًا من الطريق الزراعي". قلنا: "توكل على الله".
شغَّل السيارة، وسلكنا طرقات القاهرة الجميلة، وخرجنا من القاهرة في اتجاه
الإسكندرية.
وما إن وصلنا إلى مُنتصف الطريق بين القاهرة
والإسكندرية، وفي صحراء جَرْداء، وإذا بالليموزين تتأتأ، قلنا: "فيه إيه يا
عمنا"، قال: متقلقوش، أنا بتولى الأمر ده. تحركت السيارة ولكن ببطء، وبعد
مسافة قصيرة وقفت. "ما الأمر يا عمنا صاحب الليموزين". رد علينا: قلت
لكم متقلقوش، أنا بشوف إيه الموضوع. نزل تحت السيارة، وصال وجال، ونحن ننتظر داخل
السيارة، طال الوقت ودخل المساء، "فيه إيه يا عمنا تأخرنا".
وإذَا بصاحب الليموزين ينقل لنا الخبر المُحزِن
والمُقلق، بأنَّ الليموزين أصابها بعض الحسد، واحترق الكلاتش، "وبعدين يا
عمنا". يرد: متقلقوش، أنا باتصرف. "تصرف ياعمنا، عندنا أطفال في السيارة،
والبرد يكسر عظمنا". يرد علينا: على عيني، متقلقوش، أنا باتصرف.
"تجمل يا عمنا، تصرف، اتصل بالمكتب السياحي
خليهم يرسلوا لنا سيارة بديلة". يرد: متقلقوش، أنا باتصرف. اتصل الرجل، "فيه
إيه يا عمنا، ردوا عليك بإيه". قال: مفيش فايده، دلوقتي أدوني الأجرة وأنا
بتصرف، أستأجر لكم سيارة تانية.
قلنا: "من فين تستأجر لنا سيارة تانية ونحن
في حتة مقطوعة". خرج صاحب الليموزين، وحاول وحاول أن يُؤشر على سيارة عابرة
من أجل ينقذ الموقف. ونحن داخل السيارة، دخل علينا بقَوْلِه: مفيش فايدة، مفيش حد
راضي يوقف ليكم، ادوني الفلوس أشوف حل تاني.
وما إن سمعت كلمة "إدوني الفلوس"، حتى توليت
الأمر بنفسي بردِّي عليه: "اسمع يا عمنا صاحب الليموزين إنت، أكثر من مرة
تسمعنا إدوني الفلوس، محسبتش الأطفال، وهذا المكان الموحش، وقساوة البرد".
خَرَجت من الباص، وكنت حينها مُرتديا اللباس
العُماني، أشرتُ إلى أول سيارة، وإذا بصاحبها يقف بجانبنا. وهي سيارة عبارة عن
شاحنة مملوءة بصناديق الطماطم، ويقُودها رجل من الصَّعايدة. شرحنا له المشكلة، ردَّ
علينا: أنتم من عُمان الغالية، أولاد قابُوس، حبيب العرب، على العين والرأس.
ما قصَّر الرجل، سحب اللموزين بشاحنته المُباركة
حتى أقرب محطة وقود، حاولنا نعطيه شيئًا لم يَرضَ أبدا. بعدها بحثنا عن سيارة، لم
نجد؛ لأنَّ جميع سيارات الأجرة تخرج من المُحافظات مشحونة بالركاب. المهم اتصلنا
بأحد الأصدقاء المصريين، وهو زميل دراسة أيضا، وإذا هو يصل إلينا بسيارته الخاصة
لينقذنا من الموقف العصيب، سلَّمنا صاحب الليموزين أجرته، وهو مُستغرب من هذا
الموقف، وودَّعناه بحفاوة وحب.
وَصَلنا الإسكندرية نصف الليل، ونحن نرتجف من شدة
البرد، وصديقي صاحب فكرة استئجار الليموزين ضربته حُمَّى نفَّاضية ساخنة وباردة
لمدة أسبوع، وأنا أخذتْ مني المُعاناة مَبْلَغها.
الجمعة، 27 يونيو 2014
ومضة سامية
ومضة سامية لجلالة السلطان المُعظم -حفظه اللهُ
ومتعه بالصحة والعافية والعمر المديد: "السلام هدف الدولة.. ذلك مبدأ من
المبادئ التي توجه سياستنا الداخلية والخارجية، وهو هدف إستراتيجي نعمل على تحقيقه
واستمراره ضمانا للأمن والاستقرار، والنمو والازدهار".
"إنَّ رقي الأمم ليس في علو مبانيها، ولا في
وفرة ثرواتها، إنما رقيها يُستمد من قوة إيمان أبنائها بالله. ومكارم الأخلاق، وحب
الوطن، والحرص والاستعداد للبذل والفداء في سبيل المقدسات".
"إنَّ المُستقبل المشرق المحقِّق للتقدم والنماء، والسعادة والرخاء، لا يُبنى إلا بالهمم العالية، والعزائم الماضية، والصبر والإخلاص والمُثابرة، ونحن واثقون بأنَّ أبناء وبنات عُمان يتمتعون بقسط كبير من تلك الصفات السامية، يشهد بهذا ماضيهم، وحاضرهم، ونحن لا ريب لدينا أنهم قادرون على بناء مُستقبل سعيد بإذن الله".
"إنَّ المُستقبل المشرق المحقِّق للتقدم والنماء، والسعادة والرخاء، لا يُبنى إلا بالهمم العالية، والعزائم الماضية، والصبر والإخلاص والمُثابرة، ونحن واثقون بأنَّ أبناء وبنات عُمان يتمتعون بقسط كبير من تلك الصفات السامية، يشهد بهذا ماضيهم، وحاضرهم، ونحن لا ريب لدينا أنهم قادرون على بناء مُستقبل سعيد بإذن الله".
إلى عُكاشة
أيُّها المتسمِّر على الشاشات، كُفَّ كلامك عن
عُمان. أيُّها المسترزق من بيع الكلام، لا تقرب من ذكر عُمان. أيُّها الجاهل عن
قراءة التاريخ ومُنجزات الرجال، احرص على كل كلمة تذكر فيها عُمان. ترى التوفيق لم
يكُن حليفك على كل الأزمان، ترى رأس الدبوس الذي شبهته بأصبعيك سيُغرس في مقلتيك
ويُخرس لسانك. لسانك الذي افتريتَ به على من كان يومًا سندًا لكل حق، ألا تقرأ
التاريخ جيدا ليُنبئك بالواقع؟ ألا ترى هذه اللُّحمة الوطنية بأم عينيك في عُمان؟
ألا تشعُر بما تتناقله كبريات الدول عن دور عُمان الإستراتيجي في صُنع السلام
والمحبة بين الشعُوب؟ ألا تُشاهد ما هو حاصل من مُنجزات؟ ألا تَسمع بجُهُود
المخلصين من أهل عُمان؟ عُمان ليست بحاجة إلى وصاية منك. فأهلُها قادرون على تحقيق
مصالحها. كم كُنت صغيرا يا عُكاشة فيما تفوَّه به لسانك. قُل خيرًا أيها الإنسان، أو
الجم لسانك عن ذكر عُمان.. حمَى الله أرض عُمان من كَيد الكائدين وحَسد الحاسدين،
وحَفِظ الله قائدها المفدى وأهلها الكرام.
الخميس، 26 يونيو 2014
السفينة الإنتاجية
خَلْق جوِّ المنافسة -سواءً في مجال الإنتاج، أو
تقديم الخدمات، أو تقديم الأفكار التطويرية وإنهاء الاحتكار- هو مَدْعَاة للإبداع
والتطوير، وإثارة روح التحدي وخفض التكاليف، وتقديم مُنتجات سلعية وخدمية تُلبي
توقعات العُملاء.
لقد
حَان الوقت أن تُوْكَل مهمات التجديف بالسفينة الإنتاجية إلى قوى فاعلة في
المُجتمع؛ تتُمثل في القطاعين الخاص والأهلي، بجانب الحُكُومة التي تتولَّى زمام
القيادة والتوجيه، ورسم السياسات والإستراتيجيات التوجيهية للتنمية.صلالة الجميلة
جميلة أنتِ، فاتنة أنتِ، رائعة أنتِ.. وصفكِ عجزتْ
عنه الكلمات، أسرتِ القلوب، وارتقيتِ عنان السماء.. تاريخُ مجد وإشراقة نور، تغنَّي
فيك العاشقون بأعذب الألحان.. مشاعر حُبٍّ أزفها إليك أيتها الماجدة في عيون
الغيوم، وعبر رشَّات المطر، ونسمات الهواء، وقطرات الرذاذ.. فجُودي بذكرٍ لعلَّ
يعود اللقاء.
شكرًا من القلب
"إنَّ
أرض عُمان وأهلها في القلب والخاطر".. هكذا هم القادة العظماء الذين سيُخلدهم
التاريخ بأحرف من نور.. دومًا هم سندٌ لشعوبهم وأمتهم.
توجيهات جلالتكم -حفظكم الله- وأوامركم السامية
بتأجيل تطبيق قرار تحديد السلع الخاضعة للرقابة، قد أثلجت قلوب أهل عُمان قاطبة.
جَعَلكم الله ذخرًا وفخرًا لعُمان وأهلها الكرام،
حَفِظَكم الله بعنايته ورعايته، وسدَّد على طريق الخير خُطاكم.
الأربعاء، 25 يونيو 2014
مُبادرات طيبة
أصْبَحت الكثير من الشركات والمُؤسسات العاملة في
السلطنة تدرك مسؤُوليتها الاجتماعية تجاه خدمة المُجتمع؛ كونها تُمثل النسيج
الاقتصادي في منظُومة العمل التنموي.
وهُناك الكثير من المُبادرات الطيبة التي قامت بها
تلك الشركات بتقديم تبرعات مادية وعينية من أجل المساهمة في تنفيذ مشاريع خدمية
للمُواطنين، وكذلك تبرعات مادية لمساعدة بعض مُنظمات ومُؤسسات المُجتمع المدني
العاملة في مُختلف الأنشطة الإنسانية.
إلا أنَّ آلية جمع وصرف هذه المساهمات تحتاج إلى
أطر تنظيمية؛ بهدف وُصُول هذه التبرعات إلى مُستحقيها وتخدم الهدف المطلوب.
من الذكريات
1995م |
1995م |
1995م |
حادثُ السَّير الذي وقع يوم أمس في قرية سلماة
القريبة من قرية فنس بولاية قُريات، وكان ضحيته ستة أفراد، وأربعة مصابين بإصابات
مُختلفة، بعضها خطيرة، قد أعاد بي الذاكرة إلى ما يقرب من عشرين عاما مضت، وإلى قصَّة
عشتها بنفسي بصُحبة بعض المسؤُولين لمعاينة طريق تعب الجبلي، وعرفت حينها مدى
المُعاناة والصعوبات التي يعيشها سُكان تلك القرى.
تعب، وحريمة، ووسال، وسلماه، وعمق.. قُرى جميلة
تطل على قرية فنس التابعة لولاية قُريات، تلك القرى تتميز بتضاريس متباينة وطقس
فريد، وتكثر الظباء والغزلان في فلاة تلك القرى وجبالها، وهي ذات شهرة بزراعة
الرمان وأشجار النخيل كالبرني والبونارنجة، وتتوافر فيها مياه طبيعية تنبع من قمم
الجبال الصماء ومجاري الأودية.
هذه القرى أيضًا يقع بقربها العديد من الكهوف
النادرة؛ من بينها: ثالث أكبر الكهوف الجوفية في العالم، وهو كهف مجلس الجن (خشلة
مقندلي)؛ حيث يعتبر من الكهوف العظيمة والنادرة، وله شهرة عالمية واسعة.
الوُصُول إلى تلك القرى يحتاج إلى جهد وعناء في ظل
عدم وُجُود طرق مسفلتة تخدمها، وقديما كان الوُصُول إليها بالمشي أو الطائرة، ومن
ثم شُق لها طريق ترابي وسط الجبال.
وأذكر في شهر أبريل من العام 1995م، قام بزيارة
قرية تعب نائب رئيس بلدية مسقط السابق الأستاذ حسين سعيد؛ بهدف معاينة مسار الطريق
الذي يُطالب الأهالي بتمهيده، وكان بمعيَّته سعادة الوالي الشيخ خالد بن أحمد
الأغبري، وعدد من المسؤُولين بالبلدية، وكان لي شرف مرافقتهم، تلك الزيارة بيَّنت
للجميع مُستوى مُعاناة الأهالي؛ فالمجرب والمعايش ليس كالسامع، والجالس في المكتب
ليس كالذي يعيش الواقع.
فقد تطلَّب منا قطع مسافة طويلة مشيًا على الأقدام،
وصعود مرتفعات جبلية عالية، ولفترة زمنية طويلة، وما إن وصل الفريق بالقرب من مساكن
القرية إلا وعدد منهم يتساقط؛ فمنهم من أغمي عليه وفقد الوعي بسبب انخفاض الضغط
بسبب صعود الجبال، ومنهم من كان التعب ودوار الرأس وتفريغ ما في بطنه من نصيبه،
وكدنا نفقد أحدهم لولا رحمة الله وعنايته وإسعاف الأهالي، ولكن حرصهم على أداء
الواجب لم يُثنِهم عن إكمال المُهمة.
في اليوم التالي، عزَّز هذا الموقف زيارة سعادة
المُهندس رئيس بلدية مسقط السابق للولاية، وأمره بضرُورة مواصلة شق الطريق الجبلي؛
وبالفعل تمَّ شق ذلك الطريق، ولكن لم يُستكمل حتى مركز قرية تعب؛ بسبب أن هذه
القرية عبارة عن بقعة أرض بين جبال شاهقة.
قصَّة هذه الرحلة كتبتُ عنها في الصحافة في ذلك
الوقت، وهي موثقة في كتابِي "قُريات.. ماض عريق وحاضر مشرق"، وهدفتُ من
ذلك بيان مدى مُعاناة أهالي تلك القرى الجبلية، وتمسُّكهم بالمكان مهما كانت تلك
الظرُوف، إضافة لحرص الحُكُومة الرشيدة على توصيل خدماتها رغم عوائق الطبيعة
وصعوبة التضاريس؛ فالمهم هو الإنسان؛ وذلك هدف أساسي لمسار التنمية الإنسانية في
عُمان.
إعطاء اهتمام أكبر لمثل هذه القرى، ورصف الطرق
المؤدية إليها، يعد مطلبا ضروريا، وله جدوى اقتصادية واجتماعية كبيرة، خاصة وأن
الاستثمار في الكهف العظيم القريب منها، وتهيئته للسياحة، يُشكل استثمارا مهما في السياحة
على مُستوى السلطنة والعالم العربي.
الثلاثاء، 24 يونيو 2014
مناشدة
وادي العربيين، وعمق، ووسال، وحبينة، وتعب، وحريمة،
وسلماة، وسوقه.. قرى جبلية تابعة لولاية قُريات، تلك القرى على الرغم من وعورتها، فقد
حباها الله تضاريس فريدة، ومُقومات بيئية وسياحية، ومناظر طبيعية وحياة فطرية لا
تجد مثلها في العالم، وهي في نفس الوقت تحتضن أهم وأوسع الكهوف العالمية.
فجر اليوم، شهدتْ قرية سلماة حادثَ سير جعل سُكان
الوُلاية يشعرون بحزن شديد لفراق ستة أفراد من النساء والرجال في هذا الحادث، إثر
تدهور مركبة في الطريق المؤدي إلى جبل سلماة.
وهُناك أربعة آخرون إصاباتهم متفرقة، بينهم من في
العناية المركزة. ومثل هذه الحوادث لم تكن الأولى، وإنما هُناك حوادث مشابهة وقعت
في مثل هذه الظرُوف، فُقدت فيها أرواح عديدة.
هذه القرى على الرغم من أهميتها، وقيمتها الطبيعية
والاقتصادية، فإنها تعاني من صعوبة في الوُصُول إليها بسبب وعورة الطرق المؤدية
إليها؛ الأمر الذي يتطلب النظر في دراسة وضعها بصُورة واقعية.
نُناشد معالي المُهندس رئيس بلدية مسقط النظرَ في
هذا الأمر، مع تأكيدنا على أن رصف الطرق المؤدية لهذه القرى لها جدوى اقتصادية واجتماعية
كبيرة على المدى الطويل، وتوفير سُبل الراحة لسكان تلك القرى يعدُّ مطلبا مهما في
المرحلة الحالية والمُستقبلية.
كما نودُّ أن نشكر شرطة عُمان السلطانية وطيران
الشرطة على جُهُودهم وتعاوُنهم في انتشال الجثث ونقل المصابين في هذا الحادث.
نسأل الله الرحمة للجميع، وأنْ يُلهم ذويهم الصبر
والسلوان.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
من التقاليد العُمانية القديمة
الكثير من المعاملات المدنية والعلاقات الإنسانية
تقوم على العُرف، والعُمانيون مُنذ قديم الزمان ارتبطتْ علاقاتهم بأعراف معروفة
ومتوارثة؛ لهذا فإنهم يحتكمون إليها إذا ما استجد أمرٌ ما.
يُطلقون على مسمَّى العُرف "السُّنة"،
والسُّنة هنا تعني الطريقة والعادة، وهو مُتفقة مع ما جاءت به قواميس اللغة
العربية؛ فهُناك سُنة البحر وسُنة يعتمد عليها أهل الزراعة، وأخرى يتداولها أهل
البادية، فما من مهنة إلا ولها قواعد عرفية.
المُتمعِّن في نظام الأفلاج، يُبهره ذلك النظام
العرفي في إدارة تلك المنظُومة المائية مُنذ آلاف السنين؛ سواءً كان ذلك في فترة
إنشاء الفلج، أو طريقة توزيع المياه، أو آليات تشكيل مجلس إدارة الفلج.
كذلك الشيء نفسه فيما يتعلق بسُنن البحر؛ حيث يحتكمُ
أهل البحر إلى سنن متوارثة في طرق الصيد، ونوعية المعدات المستخدمة في الصيد،
ومواقيت الصيد، وتحديد الأعماق لصيد كل نوع معين من الأسماك.
وهُناك من الرجال الذين يُشرفون على تطبيق تلك
السنن، يطلق عليهم رجال السنة، وأحكامهم محترمة، وفي كثير منها صارمة؛ بما يضمن
تحقيق الانتفاع من خيرات البحر للجميع.
أهلُ البادية أيضًا لديهم سُننهم الخاصة؛ فقد جرى
العرف لديهم على أنه عند تساقط الأمطار وبداية نبات العشب، يحتجبُ الجميع عن الرعي
في أماكن محددة؛ بهدف إتاحة الفُرصة للعشب أن ينتشر ويتقوى في الأرض، وكذلك
بالنسبة لقطع الأشجار الصحراوية أو جني ثمارها، والشيء عينه بالنسبة لقطف أو جني
خلايا عسل النحل في الجبال.
تلك السُّنن والأعراف في تطبيقها تُسهم في غرس سمة
التسامح بين الناس، وتعزيز القيم الاجتماعية فيما بينهم؛ لأنها جاءت بقناعة وتوافق
فيما بينهم، وهي تعتمدُ على تطبيق مبدأ التصالح في الخلافات البينية، قبل وُصُولها
للمحاكم والقضاء.
الأحد، 22 يونيو 2014
لقاء مُثرٍ
حديثُ معالي الوزير المسؤُول عن الشؤون الخارجية لتليفزيُون
سلطنة عُمان، هذا المساء، حمل في طيَّاته مُرتكزات مُهمة للسياسة الخارجية للسلطنة،
وعلاقاتها مع العالم.
وتأكِيد
معاليه على رَبط الماضي بالحاضر، والانفتاح على وسائل التواصل المُجتمعي بين
الأجيال، رُؤية إستراتيجية يجب أن يعمل الإعلام على بلورتها إلى واقع.السبت، 21 يونيو 2014
العلاقات العامة في المُؤسسات العصرية
ارتبطتْ العلاقات العامة بتطوُّر المُجتمع البشري
مُنذ حقب زمنية قديمة، وتعدُّ إحدى السمات الاجتماعية التي شهدت تطورا متلاحقا مع
ما تشهده الحياة الاجتماعية من تغيُّر مُستمر، عبر تاريخ تطور الفكر الإنساني في
العالم.
كَما تُشكل العلاقات العامة إحدى الوظائف الإدارية
الأساسية في جميع المُنظمات؛ سواءً كانتْ هذه المُنظمات حُكُومية، أو قطاعات
اقتصادية، أو أهلية، أو مُنظمات مُجتمع مدني، وعلى مُختلف مُستوياتها وأغراضها وتوجهاتها،
بل هي وظيفة أساسية على المُستوى الشخصي والعلاقات المُجتمعية بين الأفراد.
ومَهام ونشاط العلاقات العامة في أيِّ مُؤسسة لا
يقتصر على وظيفة إدارات بعينها، بل هي وظيفة كلِّ العاملين في المنظمة بما في ذلك
كبار القيادات الإدارية؛ حيث يتطلب من جميع العاملين -على مُختلف مُستوياتهم
الوظيفية- أن يتحلوا بالصفات التي يجب أن تتوافر في العاملين بالعلاقات العامة.
فالمَهام الأساسية للعلاقات العامة لا تقتصر على
الاستقبالات وتنظيم الحفلات والمؤتمرات فحسب، بل يتعدَّى ذلك إلى تحسين صُورة
المنظمة، وتعزيز سمعتها لدى جمهورها والمستفيدين من خدماتها، وكذلك إلى توطيد
العلاقات الطيبة بين الجمهور الداخلي (الموظفين) بما يُسهم في الارتقاء بمُستوى
الخدمات، وجودة الأداء، وتحفيز الابتكار والتجديد في أسلوب تقديم المنتج وخدمة العُملاء.
وتلعَب العلاقات العامة دورًا مُهما تجاه تعريف
الجمهور برؤية ورسالة المنظمة وسياساتها وأهدافها؛ وذلك بهدف كسب ثقتهم وتعاوُنهم،
كما عليها مُهمة رصد وتحليل ردود الفعل واتجاهات الرأي العام فيما يتعلق بمُنتجات
وخدمات المنظمة، والتعرُّف على تطلعات واحتياجات الجماهير تجاه تطوير تلك الخدمات؛
بما يُواكب الحِراك المُجتمعي وتطور الحياة وتغير القيم والمفاهيم.
ودراسة الرأي العام وتوجهاته المتغيرة أصبحتْ من أساسيات
مهام العلاقات العامة؛ لما لذلك من أهمية في مواكبة المنظمة، وقُدرتها على التقييم
والتطوير والتجديد والتغيير الإيجابي تجاه ما يطلبه المُجتمع ويلبي احتياجاته
ورغباته، كما يُساعد على وضع الإستراتيجيات والسياسات والخُطط والبرامج والأنشطة
المناسبة.
فالرأي العام، اليوم، يعدُّ عاملا مؤثرا في مُختلف
توجهات المُنظمات العصرية، وأحد المُرتكزات الأساسية لاتخاذ القرارات المُرتبطة
بالمُجتمع؛ فهو -كما يصفه بعض العُلماء- كالريح التي لها ضغط وثِقل عظيم، دُون أن
تراها، ولا يمكن أن تُمسك بها، لكنك تحني الرأس لها وتطيع.
كما أنَّ مُواكبة المنظمة لتطلعات المُواطنين، والاستماع
لهم، ومحاورتهم، والتواصل معهم، تعدُّ جميعها مسؤُولية اجتماعية للمُنظمات العصرية
تجاه أفراد المُجتمع، وهذا التواصل من شأنه خلق قنوات اتصال تُساعد على إبراز
نشاطات وبرامج وخدمات وسياسات تلك المُنظمات بصدق وشفافية، إضافة إلى خلق علاقة
تعاوُن مُستمر بين جميع الأطراف.
ويُساعد ذلك أيضًا على سدِّ باب انتشار الأخبار
المضللة والشائعات المغرضة، ومواجهة كافة الأزمات، بصُورة تساعد على انسياب
المعلُومات الصادقة، ومعرفة الحقائق، وتقدير الواقع والجُهُود المبذولة، وخلق
صُورة ذهنية إيجابية تجاه ما تقوم به المنظمة في خدمة عملائها، ومُساهمتها في تطور
التنمية الإنسانية بكفاءة وفاعلية.
مَا ينقصُ الكثير من مُؤسساتنا هو تطبيق مفهُوم
التسويق المؤسسي بطريقة تتناسب مع واقع الحياة العصرية، ومُتطلبات الرأي العام
الجماهيري.
وإذَا مَا أرادت أي مُؤسسة كسب دعم الجماهير لتوجهاتها
ولقراراتها، فعليها العمل على شرح تلك التوجهات للجماهير بطريقة تتناسب مع
تطلعاتهم والإمكانات المتاحة للمُؤسسة، إضافة لضرُورة اتخاذ وسائل وطرائق تسويقية
عصرية لإقناع الرأي العام، ووسائل الإعلام عليها مسؤُولية كبيرة في تحقيق هذا
التوجه.
فلَم تعُد اليوم القرارات الهرمية لها جدوى في ظل
الانفتاح العالمي، وتطور وسائل الاتصال الجماهيري بين أفراد المُجتمع، وزيادة
الوعي الجمعي والثقافة العامة، وإنَّما القرارات المبنيَّة على مبدأ المُشاركة،
والقائمة على دراسة توجهات وتطلعات الجماهير الواعية وتقدير الواقع، وهذا توجُّه
من المُهم جدًّا الأخذ به في ظل تطبيق مفاهيم الإدارة المُعاصرة للمُجتمعات
الحديثة.
الجمعة، 20 يونيو 2014
الثلاثاء، 17 يونيو 2014
الصيف
على الرَّغم من قساوة الصيف بحرارته الشديدة، إلا
أنه مَوْسم يتميز بالخيرات الكثيرة: الرُّطب، واللمبا، والجح، والبطيخ، وسائر
الفواكه الأخرى التي لا تجود إلا في الصيف.. الجميع يستمتع بهذه الأنواع من
الفواكه الطيبة في هذا الموسم.
أيَّام زمان، كانتْ الأحوال أصعب؛ حيث لا كهرباء
ولا تكييف، الحمد لله اليوم نعيش في نعمة يحسدنا عليها الكثيرون؛ فالكهرباء تغطي
كل أرض عُمان، وما منزل إلا وينعم بخدمة التكييف.
القرى والواحات الزراعية في عُمان أكثر حظًّا في
الصيف؛ تجد مياه الآبار والأفلاج باردة في الصيف، وما على الإنسان إلا أن يعُق
نفسه في الجابية، أو الحوض، أو البركة، أو الغميلة، أو في ساقية الفلج؛ ليستمتع بالمياه
العذبة الرقراق الباردة، وهي تعزفُ سيمفونية القيظ.
والجُلوس تحت شجرة لمبا، أو شريشة، أو غافة، أو
سدرة، أو بيذامة، لا يُضاهيها متعة وبرودة من الجلوس تحت أرقى أنواع مكيفات الهواء
في العالم؛ حيث تهب عليك نسمات منعشة من الهواء الطبيعي، وتلطفه تلك الأغصان
الحانية الخضراء والظلال الوافرة الممتدة على مساحات شاسعة والمياه المتدفقة في
سواقيها الترابية أو الطينية.
في المساء، الجميعُ يُسامر الطبيعة؛ حيث السكينة
والهدوء والاسترخاء الحقيقي، دُون أي ضوضاء من تليفزيُون، أو مرور شاحنة أو سيارة،
السَّماء صافية، والنجوم واضحة، والقمر يُرسِل أشعته الناصعة على الأجساد، ليلُفها
بحنية، لتُشرق في فضاء الكون بالمحبة والتسامح وحب الخير.
مجاري الأودية
مَجاري الأودية لها مَسَارات طبيعية مُنذ الأزل،
وقد جَرَى العُرف عند أهل عُمان، بعدم الاعتداء على مساراتها؛ حتى إنهم جعلوا لها
حريمًا من الجانبين؛ بحيث لا تُعمر المسافة الواقعة بين جانبي الوادي، وكانوا يحدِّدونها
بالذراع، وهو عُرف مُتداول يقرُّه الشرع وفقه العُمران.
لهذا؛ فمن المُهم جدًّا الأخذ بآراء كبار السن
لتحديد مسارات الأودية، وترك تلك المسارات على طبيعتها، دُون أي تغيير أو عُمران
حديث.
والمَثل العُماني يقول: "الوادي يعرف طريقه، ومال
الوادي حال الوادي".
حبَّات القاو
حبَّاتٌ من القاو قد اكتستْ لونها الوردي البهيج...
مُرصَّعة حبة فوق أخرى كعقدٍ ذهبي سوف يُقدَّم
لعروس جميلة...
تتدلَّى نحو الأرض بشغفٍ لتلتقطها يد محب بسلام...
مُتيقنة بأن الريح سيسقطها بعد حين...
لتختلط بأديم الأرض ورائحة المطر...
لها رائحة فوَّاحة تعطر الكون الفسيح...
تسقطُ حباتُها على الأرض لتسمع لها صَوتًا موسيقيًّا
بهيجًا...
تُطرب القلب الجريح بسكينة وهدوء...
تفتح حبة ليندلع سائلها المخاطي بين حنايا الصدور...
تظل في فمك مدة مُستمتعا بطعمها الفريد ورائحتها
الزكية...
لُبتها الصغيرة المدوَّرة ترفض مغادرة ثغرك الباسم...
تتلذَّذ وتنتعش وأنت تغنِّي أغنية جميلة:
أبكي على البمبرة وأبكي على التينه
وأدعو على من ذبح قلبي بسكين
الاثنين، 16 يونيو 2014
هيئة حماية المُستهلك
مُنذ فترة ليستْ بالقصيرة، حضرتُ مُحاضرة لأحد
المُفكرين في العالم العربي، أقيمت داخل السلطنة، بتنظيمٍ من وزارة الخدمة
المدنية، ودُعي إليها كافة مُؤسسات الدولة، وحضرها العديد من القيادات، وقد تناولتْ
المُحاضرة موضُوعَ التميُّز المؤسسي، وجودة الأداء في القطاعات الحُكُومية
المُختلفة.
أسهَب المحاضر في أهمية رَبط خُطط وتوجهات
القطاعات الحُكُومية وقطاعات الأعمال مع احتياجات وتطلعات المُجتمع؛ فهو الأساس في
العملية الإنتاجية والتنموية، مُشيدا بما توصَّلت إليه السلطنة في هذا الاتجاه.
وجَّه المحاضر سؤالًا مُهمًّا للحضور: من وُجهة
نظركم، ما هي المُؤسسة التي ترونَها حقَّقت التميز المؤسسي في الوقت الحاضر داخل
السلطنة؟ كانت الإجابة بصَوْت واحد: هيئة حماية المُستهلك.
طَلَب المُحَاضر من ممثل هيئة حماية المُستهلك التحدُّث؛
فإذا بالأستاذة القديرة ليلى النجار إحدى القيادات الفاعلة بهيئة حماية المُستهلك.
الجميع يعرف ليلى النجار، فقد كانت يومًا مديرة عامة في وزارة التربية والتعليم،
وكانتْ لها بَصَمات مشهودة في التطوير التعليمي والتربوي في إحدى أهم المناطق التعليمية
بالسلطنة، وقد انتقلت مُنذ فترة إلى حماية المُستهلك، وتقود إدارة مُهمة في الهيئة.
شَرَحت للحضور سرَّ تميُّز الهيئة العامة لحماية المُستهلك،
وأرجعتْ أسباب ذلك إلى القيادة، المتُمثلة في سعادة الدكتُور سعيد بن خميس الكعبي
رئيس الهيئة؛ فهو شخصية لها رؤية ورسالة، غرس هذا التوجُّه في نفوس جميع العاملين
في الهيئة، إضافة لتطبيقه مفاهيم إدارية متطورة، وهو شخصية محفزة على الإبداع، ومتقبل
للأفكار الإبداعية دائما؛ مما خلق ولاءً غير معهود لدى جميع العاملين في الهيئة
لعملهم، فهم يعملون بروح واحدة لتحقيق أهداف الهيئة.
هذه الأيام كثُر الحديث، وبقوة، عن هيئة حماية المُستهلك،
والمُتمعِّن والمحلِّل لما كُتِب عن الهيئة، ودورها الريادي في تحقيق الاستقرار
والتوازن في السوق المحلي، إضافة لمهمتها الرئيسية في حماية المُستهلك، وتوفير
الرقابة الفاعلة لتحقيق الأمن الغذائي للمستهلك، يَجِد أن الكثير من المُواطنين
اليوم ينظرون إلى الهيئة على إنها أُنمُوذج فريد في التميُّز المؤسسي داخل السلطنة؛
فلماذا أفراد المُجتمع مُتعلِّقون كثيرا بالهيئة؟ فالإجابة عن هذا السؤال تحتاج
بالفعل إلى دراسة مُعمَّقة؛ فهي على الرغم من حداثتها، إلا أنها أثبتت للرأي العام
دورها المهم في خدمته.
وقَد نجحتْ باقتدار في تسويق خدماتها بطريقة
صحيحة، وجعلت خدمة العُملاء هدفها الأساسي، وعملت على إيجاد علاقة حميمة مع أفراد
المُجتمع، واستخدمتْ طرائق ووسائل حديثة للوُصُول إلى وجدان وفكر كافة أفراد
المُجتمع، وكوَّنت صُورة ذهنية لدى الرأي العام بأهمية خدماتها.
فتميُّز هيئة حماية المُستهلك يكمُن في مِصداقيتها
ووضوح رسالتها وأهدافها، كما عملتْ على تسويق نفسها كمُؤسسة ناجحة، وعملت على
إبراز توجهاتها بشفافية تامة.
مِن المُهم جدًّا الاستفادة من هذه التجربة العُمانية
الرائدة؛ سواءً على المُستوى المؤسسي أو العلمي، وعلى المُؤسسات البحثية والأكاديمية
دراسة هذه التجربة الناجحة في عُمان.
الأسعار
ضَمَان السِّعر العادل للسلع الأساسية هو الضَّمان
الحقيقي لأفراد المُجتمع والمنتِجين في ظل اقتصاديات السوق، فإنَّ ذلك سوف يُسهم
في عملية تقديم مُنتجات متنوعة وبجودة عالية للمستهلك، ويساعد على خلق سعر متوازن
في السوق.
فليس المهم أن يحصل التاجر على الموافقة على زيادة
سعر منتجه أو خدمته فهذا أمر يسير في ظل الاعتماد الكبير على المُنتجات المستوردة،
فحماية المُستهلك مهما كانت امكانياتها لا يمكنها التحكم في ذلك، فهي عملية
اقتصادية معقدة ومتشابكة مع اقتصاديات عالمية.
ولَكِن المهم جدًّا: كيف يعِي التاجر مسؤوليته الاجتماعية
في تجارته أو صناعته، وأهمية تطبيقه لقيم المُواطنة التجارية في أعماله وتعامله مع
المُستهلك، والمُهم أيضًا كيف نعزِّز من قيمة المنافسة في أسواقنا المحلية
واقتصادنا الوطني.
المُنافسة المنظَّمة، وخلق منافذ جديدة أكثر تطورا
لخدمة المُستهلك، والتفاعل الديناميكي بين العرض والطلب، هو الحل الوحيد للقضاء
على الاحتكار ورفع الأسعار، أضف إلى ذلك ضرُورة الاعتماد على المُنتجات المحلية المدعُومة
من قبل الحُكُومة والمُجتمع.
الأحد، 15 يونيو 2014
الرأي العام
الرأي العام يُمثل اليوم قوة حقيقية لا يُستهان
بها؛ فقد شبهه بعض العُلماء والمُفكرين بالريح التي لها ضغط وثقل عظيم دُون أن
تراها ولا يُمكن أن تُمسك بها، لكنك تحني الرأس وتُطيع، والأحداث التي شهدتها
الكثيرُ من دُول العالم العربي، وما نتج عنها من تغيير وإصلاح تُؤكد ذلك. فمن
المُهم اليوم أن تكُون هُناك مُؤسسات علمية لقياس اتجاهات الرأي العام، والتعرف
على مطالب المُجتمع واحتياجاته، ومن المُهم أيضًا وُجُود مراكز للدراسات
الإستراتيجية للانطلاق نحو مُستقبل مُشرق، وفق إستراتيجية واضحة المعالم ومُحددة
التوجهات، وهي في الوقت ذاته ترصُد الفُرص، وتعمل على الاستفادة منها، وتهيئة
المُجتمع لتقبلها والتعامُل معها.
السبت، 14 يونيو 2014
أهمية النقل العام
يُدرك الجميع أهمية وسائل النقل في العصر الحديث،
وتُشير الإحصائيات إلى أنَّ هُناك استخدامًا متزايدًا وعاليًا للمركبات من قِبَل
أفراد المُجتمع، ويَرجِع ذلك إلى تحسُّن مُستويات دخل الأفراد، ودُخُول عدد كبير
من الشباب إلى سوق العمل؛ سواءً في القطاع العام أو الخاص.
النظرة المُستقبلية لهذا التزايد الكبير في عدد
المركبات هي وُجُود ضغوط على مسارات الطرق، واختناقات مرورية لاسيما في المدن الرئيسية،
إضافة لزيادة في عدد الحوادث، وهي نتيجة طبيعية في ظلِّ التوسع في عدد مستخدمي
الطريق.
الأمر الذي يفرض نفسه في المرحلة الحالية
والمُستقبلية هو تطوير النقل العام، وهُناك الكثير من الأفكار في تنفيذ ذلك، إضافة
إلى ذلك يُمكن الاستفادة من تجارب دُول مُتقدمة في هذا المجال.
مِن بَيْن الأفكار التي نقترحها: أن تتولى غرفة
تجارة وصناعة عُمان -وبالتعاوُن مع شرطة عُمان السلطانية، ووزارة النقل والاتصالات،
والجهات ذات العلاقة- تشجيع وتحفيز المستثمرين لإنشاء شركات وطنية في جميع مُحافظات
السلطنة للنقل العام، يُسهم في هذه الشركات رجال الأعمال والشركات الوطنية القائمة
والصناديق التقاعدية؛ وذلك على شكل شركات مساهمة وطنية.
تُدَار هذه الشركات بطريقة عصرية، وتهدفُ إلى
توفير نقل عام متطور وراقٍ، يربط مراكز المُحافظات بولايات السلطنة، وكذلك بين
القرى داخل الولايات، وفق جداول زمنية مدروسة، وبرسوم مدعُومة من قبل الحُكُومة.
يُمكن لهذه الشركات أيضًا الاستفادة من عقود وزارة
التربية والتعليم لنقل طلاب المدارس بصُورة أفضل مما هي عليه الآن، وكذلك نقل طلاب
الجامعات والمعاهد الحُكُومية، مع ضرُورة استيعاب أصحاب الباصات والحافلات العاملين
في نقل الطلاب حاليا، بشراء حافلاتهم وتشغيلهم، أو إدخالهم كمساهمين ومؤسِّسين
لهذه الشركات؛ وبذلك نضمن لهم استمرارية عملهم دُون أي تأثير على دخلهم.
التوجُّه إلى تطوير النقل العام بصُورة حضارية هو
أحد الحلول المناسبة لتقليل الكثير من الحوادث المرورية الحاصلة الآن على طرقنا،
والتي نخسر من خلالها الكثير من الموارد البشرية المنتجة، كما أن وُجُود مثل هذه
الشركات سيقلل من الاستخدام المتزايد للمركبات في الطرق.
الجمعة، 13 يونيو 2014
كلمة شكر
كلمة شكر للهيئة العامة للطيران المدني على
جُهُودها الكبيرة في مجال الأرصاد الجوية، وتعامُلها مع الحالات الجوية بكل
مصداقية وشفافية. والشكر أيضًا للإعلام العُماني على جُهُوده في توعية الناس، ومدهم
بالمعلومة الصادقة.
الخميس، 12 يونيو 2014
حِكمة رجل مُسن
ظَهِيرة اليوم، استوقفني أحد كبار السن أثناء
خروجي من العمل في البُستان، كان يُريد الوُصُول إلى مطرح، بعدما ركب السيارة قال
لي: "تصدق، كُنت واقفا في الشارع لفترة طويلة في الشمس، وكما ترى حالتِي
تعبان من الصَّهدة وحرارة الجو، ما شي تكَاسِي، ولا تُوجد مظلات على الشارع
للعابر، البلدية ما مهتمة".. وبعد ما شكرني وتعالمنا عن العلوم والأخبار، جِبنا
سيرة أخبار الأمطار المترقبة، قُلت له: "الوالد، سمعت عن أخبار العاصفة التي
في بحر العرب، والتي قد تصل عُمان بعد أيام؟"، قال لي: "نعم، سمعت من
الراديو، ولكن الشباب عندهم تلك التليفونات ومن خبر إلى آخر، حتى راسي دار من كثرة
ما يُقال عن العاصفة والإعصار والأمطار".
قَال لي: "اسمع يا ولدي، مثل هذه الأمور كنا
نعدها طبيعية، وعندنا لها حسابات، خاصة أهل البحر يعرفُوها أكثر".. وأخذ يعُدُّ
لي مسميات الضربات -أي مواسم- مثل هذه العواصف والأمطار، وأوقاتها وقوتها، وهي
كانت معروفة عند العُمانيين، ولكن القديم ما له مكان هذا الزمان.
قلت له: "ترى الأمور تغيَّرت، وأصبحتْ هُناك
أجهزة متطورة للتعرف على أوقات الأمطار وتحركات الرياح والعواصف". قال لي: "صحيح،
ولكن حاموه هذه الإشاعات منتشرة بين الشباب، تراهم صدَّعونا، وأنا عن نفسي ما أصدق
إلا ما يقوله الراديو فقط".
أنزلتُ الشايبَ على الطريق البحري في مطرح، وقال
لي: "اسمع يا ولدي، هذا الوقت ضربة الشلي، إما ينتهي في البحر أو يضرب في
البر، ويقول عرب الأوليين: الشلي خريف.. وداعي الهنقري ضعيف.. خلا، أحسنت ولدي، رافقتك
السلامة، والله يحفظنا برحمته ويحفظ عُمان وقائدها، وخلُّو عنكم القيل والقال في
التليفونات والإنترنت، وخلو اعتمادكم على ما تقوله أجهزة الحُكُومة والراديو والتليفزيُون
والجرائد، وهي ما مقصَّرة، جزاهم الله خيرًا، وما يسير إلا الخير".
الاثنين، 9 يونيو 2014
الأحد، 8 يونيو 2014
مصر
المصريون يُسطرون مرحلة جديدة من أجل عودة مصر إلى
مكانتها الطبيعية.. وفَّق الله أهلنا في مصر إلى ما فيه خير الأمة ورُقيها.
السبت، 7 يونيو 2014
بَوْح
تُرسل جذورها إلى الأعماق للتثبت بالأرض.. خضراء
على الدوام لتُبهج المارة والجالسين على أديم الأرض، تُرسل أغصانها بفرح وبهجة إلى
السماء لترتقي، لا تُزعزعها تقلبات الدهر وهبَّات الرياح؛ فهي راسخة رسوخ الجبال..
عطاياها لا تنتهي لبني البشر على الرغم من قساوتهم، إنَّها مدرسة للولاء لهذه
الأرض مهما كانت تغيرات الطبيعة وسلوك البشر.
الخميس، 5 يونيو 2014
الأحد، 1 يونيو 2014
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)