الخميس، 12 يونيو 2014

حِكمة رجل مُسن

ظَهِيرة اليوم، استوقفني أحد كبار السن أثناء خروجي من العمل في البُستان، كان يُريد الوُصُول إلى مطرح، بعدما ركب السيارة قال لي: "تصدق، كُنت واقفا في الشارع لفترة طويلة في الشمس، وكما ترى حالتِي تعبان من الصَّهدة وحرارة الجو، ما شي تكَاسِي، ولا تُوجد مظلات على الشارع للعابر، البلدية ما مهتمة".. وبعد ما شكرني وتعالمنا عن العلوم والأخبار، جِبنا سيرة أخبار الأمطار المترقبة، قُلت له: "الوالد، سمعت عن أخبار العاصفة التي في بحر العرب، والتي قد تصل عُمان بعد أيام؟"، قال لي: "نعم، سمعت من الراديو، ولكن الشباب عندهم تلك التليفونات ومن خبر إلى آخر، حتى راسي دار من كثرة ما يُقال عن العاصفة والإعصار والأمطار".
قَال لي: "اسمع يا ولدي، مثل هذه الأمور كنا نعدها طبيعية، وعندنا لها حسابات، خاصة أهل البحر يعرفُوها أكثر".. وأخذ يعُدُّ لي مسميات الضربات -أي مواسم- مثل هذه العواصف والأمطار، وأوقاتها وقوتها، وهي كانت معروفة عند العُمانيين، ولكن القديم ما له مكان هذا الزمان.
قلت له: "ترى الأمور تغيَّرت، وأصبحتْ هُناك أجهزة متطورة للتعرف على أوقات الأمطار وتحركات الرياح والعواصف". قال لي: "صحيح، ولكن حاموه هذه الإشاعات منتشرة بين الشباب، تراهم صدَّعونا، وأنا عن نفسي ما أصدق إلا ما يقوله الراديو فقط".
أنزلتُ الشايبَ على الطريق البحري في مطرح، وقال لي: "اسمع يا ولدي، هذا الوقت ضربة الشلي، إما ينتهي في البحر أو يضرب في البر، ويقول عرب الأوليين: الشلي خريف.. وداعي الهنقري ضعيف.. خلا، أحسنت ولدي، رافقتك السلامة، والله يحفظنا برحمته ويحفظ عُمان وقائدها، وخلُّو عنكم القيل والقال في التليفونات والإنترنت، وخلو اعتمادكم على ما تقوله أجهزة الحُكُومة والراديو والتليفزيُون والجرائد، وهي ما مقصَّرة، جزاهم الله خيرًا، وما يسير إلا الخير".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.