السبت، 21 يونيو 2014

العلاقات العامة في المُؤسسات العصرية

ارتبطتْ العلاقات العامة بتطوُّر المُجتمع البشري مُنذ حقب زمنية قديمة، وتعدُّ إحدى السمات الاجتماعية التي شهدت تطورا متلاحقا مع ما تشهده الحياة الاجتماعية من تغيُّر مُستمر، عبر تاريخ تطور الفكر الإنساني في العالم.
كَما تُشكل العلاقات العامة إحدى الوظائف الإدارية الأساسية في جميع المُنظمات؛ سواءً كانتْ هذه المُنظمات حُكُومية، أو قطاعات اقتصادية، أو أهلية، أو مُنظمات مُجتمع مدني، وعلى مُختلف مُستوياتها وأغراضها وتوجهاتها، بل هي وظيفة أساسية على المُستوى الشخصي والعلاقات المُجتمعية بين الأفراد.
ومَهام ونشاط العلاقات العامة في أيِّ مُؤسسة لا يقتصر على وظيفة إدارات بعينها، بل هي وظيفة كلِّ العاملين في المنظمة بما في ذلك كبار القيادات الإدارية؛ حيث يتطلب من جميع العاملين -على مُختلف مُستوياتهم الوظيفية- أن يتحلوا بالصفات التي يجب أن تتوافر في العاملين بالعلاقات العامة.
فالمَهام الأساسية للعلاقات العامة لا تقتصر على الاستقبالات وتنظيم الحفلات والمؤتمرات فحسب، بل يتعدَّى ذلك إلى تحسين صُورة المنظمة، وتعزيز سمعتها لدى جمهورها والمستفيدين من خدماتها، وكذلك إلى توطيد العلاقات الطيبة بين الجمهور الداخلي (الموظفين) بما يُسهم في الارتقاء بمُستوى الخدمات، وجودة الأداء، وتحفيز الابتكار والتجديد في أسلوب تقديم المنتج وخدمة العُملاء.
وتلعَب العلاقات العامة دورًا مُهما تجاه تعريف الجمهور برؤية ورسالة المنظمة وسياساتها وأهدافها؛ وذلك بهدف كسب ثقتهم وتعاوُنهم، كما عليها مُهمة رصد وتحليل ردود الفعل واتجاهات الرأي العام فيما يتعلق بمُنتجات وخدمات المنظمة، والتعرُّف على تطلعات واحتياجات الجماهير تجاه تطوير تلك الخدمات؛ بما يُواكب الحِراك المُجتمعي وتطور الحياة وتغير القيم والمفاهيم.
ودراسة الرأي العام وتوجهاته المتغيرة أصبحتْ من أساسيات مهام العلاقات العامة؛ لما لذلك من أهمية في مواكبة المنظمة، وقُدرتها على التقييم والتطوير والتجديد والتغيير الإيجابي تجاه ما يطلبه المُجتمع ويلبي احتياجاته ورغباته، كما يُساعد على وضع الإستراتيجيات والسياسات والخُطط والبرامج والأنشطة المناسبة.
فالرأي العام، اليوم، يعدُّ عاملا مؤثرا في مُختلف توجهات المُنظمات العصرية، وأحد المُرتكزات الأساسية لاتخاذ القرارات المُرتبطة بالمُجتمع؛ فهو -كما يصفه بعض العُلماء- كالريح التي لها ضغط وثِقل عظيم، دُون أن تراها، ولا يمكن أن تُمسك بها، لكنك تحني الرأس لها وتطيع.
كما أنَّ مُواكبة المنظمة لتطلعات المُواطنين، والاستماع لهم، ومحاورتهم، والتواصل معهم، تعدُّ جميعها مسؤُولية اجتماعية للمُنظمات العصرية تجاه أفراد المُجتمع، وهذا التواصل من شأنه خلق قنوات اتصال تُساعد على إبراز نشاطات وبرامج وخدمات وسياسات تلك المُنظمات بصدق وشفافية، إضافة إلى خلق علاقة تعاوُن مُستمر بين جميع الأطراف.
ويُساعد ذلك أيضًا على سدِّ باب انتشار الأخبار المضللة والشائعات المغرضة، ومواجهة كافة الأزمات، بصُورة تساعد على انسياب المعلُومات الصادقة، ومعرفة الحقائق، وتقدير الواقع والجُهُود المبذولة، وخلق صُورة ذهنية إيجابية تجاه ما تقوم به المنظمة في خدمة عملائها، ومُساهمتها في تطور التنمية الإنسانية بكفاءة وفاعلية.
مَا ينقصُ الكثير من مُؤسساتنا هو تطبيق مفهُوم التسويق المؤسسي بطريقة تتناسب مع واقع الحياة العصرية، ومُتطلبات الرأي العام الجماهيري.
وإذَا مَا أرادت أي مُؤسسة كسب دعم الجماهير لتوجهاتها ولقراراتها، فعليها العمل على شرح تلك التوجهات للجماهير بطريقة تتناسب مع تطلعاتهم والإمكانات المتاحة للمُؤسسة، إضافة لضرُورة اتخاذ وسائل وطرائق تسويقية عصرية لإقناع الرأي العام، ووسائل الإعلام عليها مسؤُولية كبيرة في تحقيق هذا التوجه.
فلَم تعُد اليوم القرارات الهرمية لها جدوى في ظل الانفتاح العالمي، وتطور وسائل الاتصال الجماهيري بين أفراد المُجتمع، وزيادة الوعي الجمعي والثقافة العامة، وإنَّما القرارات المبنيَّة على مبدأ المُشاركة، والقائمة على دراسة توجهات وتطلعات الجماهير الواعية وتقدير الواقع، وهذا توجُّه من المُهم جدًّا الأخذ به في ظل تطبيق مفاهيم الإدارة المُعاصرة للمُجتمعات الحديثة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.