الكثير من المعاملات المدنية والعلاقات الإنسانية
تقوم على العُرف، والعُمانيون مُنذ قديم الزمان ارتبطتْ علاقاتهم بأعراف معروفة
ومتوارثة؛ لهذا فإنهم يحتكمون إليها إذا ما استجد أمرٌ ما.
يُطلقون على مسمَّى العُرف "السُّنة"،
والسُّنة هنا تعني الطريقة والعادة، وهو مُتفقة مع ما جاءت به قواميس اللغة
العربية؛ فهُناك سُنة البحر وسُنة يعتمد عليها أهل الزراعة، وأخرى يتداولها أهل
البادية، فما من مهنة إلا ولها قواعد عرفية.
المُتمعِّن في نظام الأفلاج، يُبهره ذلك النظام
العرفي في إدارة تلك المنظُومة المائية مُنذ آلاف السنين؛ سواءً كان ذلك في فترة
إنشاء الفلج، أو طريقة توزيع المياه، أو آليات تشكيل مجلس إدارة الفلج.
كذلك الشيء نفسه فيما يتعلق بسُنن البحر؛ حيث يحتكمُ
أهل البحر إلى سنن متوارثة في طرق الصيد، ونوعية المعدات المستخدمة في الصيد،
ومواقيت الصيد، وتحديد الأعماق لصيد كل نوع معين من الأسماك.
وهُناك من الرجال الذين يُشرفون على تطبيق تلك
السنن، يطلق عليهم رجال السنة، وأحكامهم محترمة، وفي كثير منها صارمة؛ بما يضمن
تحقيق الانتفاع من خيرات البحر للجميع.
أهلُ البادية أيضًا لديهم سُننهم الخاصة؛ فقد جرى
العرف لديهم على أنه عند تساقط الأمطار وبداية نبات العشب، يحتجبُ الجميع عن الرعي
في أماكن محددة؛ بهدف إتاحة الفُرصة للعشب أن ينتشر ويتقوى في الأرض، وكذلك
بالنسبة لقطع الأشجار الصحراوية أو جني ثمارها، والشيء عينه بالنسبة لقطف أو جني
خلايا عسل النحل في الجبال.
تلك السُّنن والأعراف في تطبيقها تُسهم في غرس سمة
التسامح بين الناس، وتعزيز القيم الاجتماعية فيما بينهم؛ لأنها جاءت بقناعة وتوافق
فيما بينهم، وهي تعتمدُ على تطبيق مبدأ التصالح في الخلافات البينية، قبل وُصُولها
للمحاكم والقضاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.