في معرض مسقط للكتاب لهذا العام، أبدى أحد
الأصدقاء إعجابه بوزير الإعلام، وتواجده المُستمر -يكاد يوميًّا- في أروقة المعرض،
يستمع لهذا ويحل مشكلة هذا، ويلبي مُتطلبات هذا، ويتأكد من سلاسة سير العمل وفق
الخُطط المرسُومة، كل ذلك من خلال تجوال شخصي له، دُون وُجُود مكتب شخصي له؛ فكان
هو المبادر في الاستماع للجميع.
كَذَا هو وزير النقل والاتصالات، تجدُه في مواقع
العمل بصفة دائمة؛ لهذا نجحت وزارته في تنفيذ مشاريع حيوية مُهمة لاقت راحة ورضا
الناس، وهذا ما تسمعه دوما عن الكثير.
هذا الأسلوب في القيادة والإدارة يُطلق عليه اليوم
في الإدارة المُعاصر "الإدارة بالتجوال". فما هي الإدارة بالتجوال؟
الإدارة بالتجوال هي فلسفة إدارية لها تأثير نفسي
وإنساني على الأفراد وهم يرون رئيسهم يتجول بينهم ويشد على أمرهم ويشجعهم ويحفزهم
على المزيد من الإبداع والجهد والعطاء، إضافة إلى ذلك يتيح له أن يتأكد من سير
الانجاز وفق الخُطط والبرامج المرسُومة والأهداف المحددة.
وتؤكد هذه الفلسفة على أن القائد الإداري يجب عليه
أن يعيش الواقع ولا يجعل نفسه في برج عاجي تقوده الأوهام ويعيش في الأحلام، ينسجها
له بعض الحاقدين وضعاف النفوس والمتملقين المجيدين للكلام والانتقاد دُون الأفعال،
والذين يوهمون أنفسهم بالمثالية.
وأسلوب الإدارة بالتجوال ليس بهدف المراقبة
والتحكم والسيطرة وتصيد الأخطاء، وإنما بهدف بث الحماس ورفع الروح المعنوية لدى
العاملين وتفعيل المُشاركة الجماعية، مما يجعلهم يشعرون باهتمام القيادة بهم وبما
ينجزونه من أعمال.
وقد ساهمت هذه الفلسفة في مُعالجة الكثير من
المشاكل وسرعة حلها، وكسر حواجز العزلة والرسميات ومُعالجة أسوار الاغتراب بين
القائد والمرُؤُوسين، واكتشاف المواهب والمُبدعين.
والإدارة بالتجوال هي قاعدة أساسية ضمن منهج
الإدارة في الإسلام، وهُناك من الدلالات التي تؤكد على ذلك ضمن التاريخ الإسلامي
القديم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.