الأحد، 20 أغسطس 2017

في ضيافة السماء

عَاش في عَلاقة تتَّسم بالرضا مع نفسه ومع الآخرين، جعل من السلام الداخلي رسالة محبَّة يبعثها مع كل لقاء بتواضُع جم.. قلبُه كان متعلقا بالمسجد، فتجده منزويًا في هدوء غير عادي مع كل صلاة، كان وفيا صادقا قنوعا، ينثر الكلام الطيب بسكينة على كل إنسان. اتَّخذ بسطة صغيرة في حجمها؛ كبيرة في معناها ودلالاتها، فمع انبعاث أول ضوء للشمس يُسابق عصافير المكان بنشاط متجدد، سعيا لطلب رزق يومه. يفرش بسطته المُتواضعة على قارعة الطريق، فتجدها مزدهرة ومتنوعة السلع والمُنتجات بألوانها المبهجة. خضار وفواكه طازجة تم ترتيبها بطريقة تسويقية أنيقة، جلبها للتو من المزرعة. كان قدوة في حب العمل مهما صغر، لهذا قلده الكثير من الشباب؛ فجاوروه في بسطته دُون تذمر. مع كل صباح ومساء يحيط به الزبائن والأصدقاء في جو مفعم بالابتسامات والمرح. لم ينسَ فرحة العيد الكبير، فجمع من المزارعين مجمُوعة من الظرُوف الخوصية لاستخدامها في تنور الشواء، فعرضها على بسطته في مساء تحفه علامات الوداع. نفدت تلك الظرُوف في ساعات قليلة، فذهب إلى بيته فرحا بخدمة قدمها لأبناء بلدته. كان ذلك المساء على غير عادته، فكانت السماء مبتهجة بلقاء جديد. أخذ غفوة عميقة بعد لمسة وداع على محبيه. مررت ببسطته الصباحية فوجدت الحزن يملأ المكان. كان الجميع يسأل: أين العم سعيد؟! يأتي الرد: سعيد أصبح اليوم في ضيافة السماء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.