مُنذ سنوات، كُنت في زيارة لدولة أوروبية، دخلت
مطعما لتذوق ثقافة الطعام في تلك البلد العريق والمُتقدم علميا، فتقدم لخدمتي في
ذلك المطعم شاب وسيم، سألته: لماذا أنت هنا؟ قال: ماذا تعني من هذا السؤال؟ قلت
له: في مثل عمرك يجب أن يكُون في الكلية والدراسة لا في المطعم. قال: أنا كما قلت،
ولكن وجودي هنا لكي أصرف على نفسي ودراستي.
في نفس الدولة يحكي لي أحد الأساتذة الكبار هُناك،
قصته لكي يؤمن مصاريف دراسته الجامعية، يقول: اتصلت به شركة لكي تؤمن له عمل يوم،
ذهب إليها، فقيل له: ترى تلك الشاحنة، قال: نعم. قيل له: هي متعطلة من الأمس،
والمطلوب منك الدُخُول في قلاب الاسمنت، وتكسيره وإخراجه منها، لكونه قد نشف
وتصلب. يقول: حاجتي للعمل والدراسة دخلت ذلك القلاب فإذا هو نار جهنم من قوة وصلابة
الاسمنت وحرارة القلاب المختزنة فيه. رأيت ذلك الأستاذ الذي يشار إليه بالبنان في
بلده يخرج من كليته ويركب المواصلات العامة للوُصُول إلى بيته.
اليوم أعلن مركز القبول الموحد مشكورا عن نتائج
الفرز الأول للقبول الموحد للدارسين في المرحلة الجامعية الأولى من طلاب العام
الأكاديمي الجديد، حيث تم عرض 23462 مقعدا، مع وُجُود 6345 مقعدا شاغرا في انتظار
الفرز الثاني، أي ما يقارب خمس المقاعد المطروحة، والتي تصل في مجملها 29807 مقعدا
دراسيا، بمُختلف مُؤسسات التعليم العالي الحُكُومية والبعثات والمنح الداخلية والخارجية،
وهي متاحة أمام الطلاب بالمجان، بعدالة وشفافية تامة، تدفعها الدولة من أجل بناء
ورقي الإنسان.
تلك الجُهُود التي تقدمها الدولة على الرغم من الظرُوف
الاقتصادية التي تجتاح العالم لم تكن يوما في عُمان تقف عثرة أمام نشر التعليم
بمُختلف مُستوياته ومراحله.كل التهنئة للطلاب والطالبات على الإنجاز، وأقول لهم:
الوطن ينتظر منكم الكثير، فأنتم ذخره ورأس ماله وثروته الحقيقية، مرحلة الجامعة هي
مرحلة مُهمة في عمر الإنسان، ومحطة جديدة في حياتكم، وفُرصة كريمة لا تعوض، تتطلب
المزيد من الجد والاجتهاد والمُثابرة والاعتماد على الذات، فاستثمروا هذه الفُرصة
من أجل خدمة أنفسكم وتطوير قدراتكم وإبداعاتكم وتوسيع معارفكم، لتسعدوا ويسعد بكم
الأهل والوطن في المُستقبل. اللهم أحفظ شباب وطني ووفقهم لما فيه الخير والصلاح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.