أيَّام زمان، عندما تسمعَ صوتَ أو أزيزَ الصروخ
(حشرة السيكادا) على الأشجار، فإنَّ ذلك دليل على أنَّ الصيف في عُمان قد دخل.
ومحليًّا يقال بأن الصراريخ (جمع صروخ) قد بدأ صريخها.
تِلك الحشرة العجيبة تتَّخذ من الأشجار مسكنًا
لها، وما إن تُشرق الشمس وإلا هي تبدأ بعزف موسيقاها، فتسمع أزيزا وصريرا متواصلا
طول النهار، وإذا ما اشتدت الحرارة وقيظ الصيف، فهي تشتد صوتا وزعيقا، متحدية تلك
الحرارة العالية، ويقال إنَّ الذكور هي التي تصدر هذا الصوت الموسيقي دُون الإناث.
كَان الأطفال يلهُون بهذه الحشرة ذات الرأس
المفلطح، والعيون الجاحظة الجميلة، والشعيرات اللطيفة، والجناحين الأملسين الصافيين
والشفافيْن، لهذا تجدهم يتسلقون الأشجار للإمساك بها.
وعِند جلوسك تحت غافة، أو سدرة، أو سمرة للتبرد من
حرارة الجو، ترش تلك الحشرات سائلا باردا على المارين والجالسين، وهو عبارة عن عُصارة
مائية؛ فهي تمتص عصارة أوراق الأشجار كالغاف والسدر والنخيل أيضا.
تلك الحشرة تعيش في شكل جماعي، والدارس لسلوكها
فهي متعاوُنة مع بعضها؛ فما إن تشعر بقدوم خطر إلا ويخفت ذلك الصوت ويتوقف للتمويه
عن وجودها، وكذا في حالة انتقالها من شجرة إلى أخرى، أو من غصن أخضر إلى آخر.
العَجِيب أنَّ هذه الحشرة ما إن يعلن الصيف رحيله،
فهي أيضًا تختفي عن الأنظار؛ فتجدها يابسة على أغصان الأشجار أو على حصى الجدران،
كان يُعتقد بعض الأهالي بأنها ستحيى من جديد؛ لهذا القليل من يتعرض لهياكلها
اليابسة، والحقيقة كما يقال أنَّ يرقاتها تختفي في الشتاء تحت التراب في باطن
الأرض؛ لتظهر من جديد في صيف جديد.
شاهدتُ بعضَ الطائرات القتالية تحاكي في شكلها
مجسم وهيكل الصروخ، إلا أن شتان بين هدفيهما في الحياة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.