المُعدَّات والأجهزة الإلكترُونية زمان كانتْ أكثر
جَوْدة وخِدمة، مُقارنة ما تصدِّره لنا الشركات الأجنبية حاليًا، وتعدُّ نعمة
التبريد هي نعمة كبيرة تستحقُّ الشكر لمن اخترعها.
زَمان، كان تبريد مياه الشرب عن طريق مَوَاد محلية
تُصنع من الطين كالجحلة والحب والخرس، ولها فاعلية كبيرة، مقارنة بظرُوف المعيشة
في ذلك الوقت.
في بداية السبعينيات، دخلتْ علينا الثلاجات، وكانتْ
بعدد محدُود جدا، أذكر أنَّ والدي -وباقتراح من أخي الأكبر- اشترى لنا ثلاجة، وحسب
ما أتذكر من نوع آرستون، أو اسم قريب من هذا، تلك الثلاجة من أوائل الثلاجات التي
تدخُل قريتنا؛ لهذا كانت محل استغراب من الكثير حول طريقة عملها وتشغيلها.
لم تكُن الكهرباء قد وصلتْ إلى بلدتنا في ذلك
الوقت بعد، إلا أن تلك الثلاجة لها خاصِّيتين؛ فهي تعمل بالكهرباء وكذلك
بالكيروسين (حل تراب)؛ وذلك من خلال شُعلة يتم إيقادها في طرف خزان لها صفاء ولون
أزرق جميل عند اشتعالها، ومن خلالها تتسرَّب الحرارة إلى أنابيب مليئة بالغاز، وعن
طريق الحرارة تعمل تلك الثلاجة.
كان لتلك الثلاجة تبريد غير عادي؛ لهذا خدمت
أسرتنا وجيراننا بتزويدنا بالماء البارد، كُنَّا نملأها بأوعية وزجاجات مياه عادية،
كنا نأتي بها من الآبار أو الموارد على الحمير، وفي شهر رمضان كان الطَّلب على
المياه الباردة أكثر، ويتم بالحجز.
هذه الثلاجة لها خاصية التجميد أيضا؛ فكنت أصنع
مثلجات الآيسكريم المحلي على شكل مُكعَّبات صغيرة، وهو عبارة عن ماء وفيمتو، أو
مرطبات خاصة من نوع الكراش لونه أصفر بطعم البرتقال؛ فبعد رجُوعي من المدرسة، أذهب
بتلك المكعبات لبيعها على طالبات الفترة المسائية، كانتْ المدرسة لا يُحيط بها سور؛
حيث أقف في الخارج، ويتم بيع الآيسكريم اللذيذ من خلال الشباك في الفسحة، أو
الاستراحة المدرسية، كان الإقبال كبيرًا على الآيسكريم، خاصة وأنَّه دخيل علينا في
شكله وطعمه، وكثيرًا ما أقوم ببيعه في السوق أيضًا.
بعد دُخُول المرطِّبات فتحنا محلًا تجاريًّا، وتلك
الثلاجة هي الوسيلة لتبريد المشروبات الغازية: الآرسي والكراش والسفن آب، كانت
زجاجات المشروبات الغازية مُختلفة في شكلها وحجمها، ويتطلَّب إعادتها للشركة ليتم
تعبئتها مرة أخرى، كان لها طَعم مُختلف، خاصة بعد الأكل تجد ذلك الغاز يخرج من
البطون بصَوت غريب، وكثيرًا ما يتعمَّد المتذوق لطعم الآرسي التجشؤ، حتى يُؤكد
استمتاعه بهذا المشروب الغريب.
المهم.. هذه الثلاجة استمرَّت معنا عند دُخُول
الكهرباء إلى بلدتنا في العام 1979م، لا أذكُر إن قمنا بعمل صيانة لها مُنذ بداية
السبعينيات وحتى التسعينيات؛ حيث قرَّرنا تقديمها هدية لأحد الأصدقاء ممن يسكن
القرى النائية، وهي لا تزال بقواها وتعمل بجودة عالية، ودائما ما نطلق عليها ثلاجة
ولايتية؛ أي: قوية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.