بعد تأمُّل كثير، فإنني أُجزم بأنَّ العُمانيين هم
من أول من ابتكر نظام العنونة في العالم؛ فمنذ سنوات طويلة وأنا أتمعَّن في
المسميات التي أطلقها العُمانيون على القرى والضواحي والمزارع والآبار والسكك
والطرقات، وكذلك البيوت الثابتة المبنية من الحصى والصاروج والطين.
في جميع أرجاء عُمان لا تجد طوي، أو بستانا، أو
جبلا، أو هضبة، أو مزرعة، أو تجمعا سُكانيا، أو سيحا، إلا وله اسم معروف يتداوله
السكان مُنذ آلاف السنين، وعندما تسأل أحد كبار السن عن هذا الاسم، يردُّ عليك:
"هكذا عهدناه من الآباء والأجداد"، وتلك المسميات لها من المعاني
اللغوية والدلالية على طبيعة المكان وتفاصيله، وتتميَّز بمخارج صوتية ولفظية بديعة.
هَذِه المسميات شكَّلت عبر التاريخ نظامَ عنونة راقيًا
وفقا لمُعطيات زمانه، وهو نظام سهل وميسَّر للتعريف بالأماكن؛ حيث يمكن لكل شخص
استخدامه للوُصُول إلى مبتغاه ووجهته عن طريق تلك المسميات، والتي تكُون معروفة
لدى كل فرد من السكان في تلك القرى، والإنسان الذي يسمع تلك المسميات يقف متفكرا
ومذهولا أمام قدرات تلك الأجيال السابقة على هذا الإنجاز الحضاري للإنسان العُماني.
دَعْوَة للمجالس البلدية بدراسة هذا الأسلوب عند
تخطيطهم المُستقبلي لنظام العنونة في الولايات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.