قبل أيام، قمتُ بجولةٍ على الأقدام، طفتُ فيها بعض
المزارع التي كانت يومًا غابة من الأشجار المثمرة كالأمبا (المانجو)، والنخيل، والفُرصاد،
والزيتون (الجوافة)، والسفرجل، والليمون، إضافة لشهرتها بزراعة القت (البرسيم)، والبطيخ،
والخيار، والجزر العُماني ذي الطعم اللذيذ.
تِلك المزارع لها ذكريات طفولية؛ فمنذ الفجر كانت
تستقبلنا تلك الأشجار والشجيرات لجني خيراتها؛ فهُناك من يرقط ما يتساقط منها دُون
أي ممانعة من أصحابها، ومنهم من يعمل على العناية بها، ومنهم من يلعب ويلهو في
ظلالها، خاصة لعبة طلوع النخيل، وهي لعبة تدرب الشباب اللياقة البدنية وتعلم طلوع
النخلة؛ فالنخلة كريمة بالعطاء والخير، وكل جزء منها له استخدام وفائدة للإنسان.
المَزَارِع التي أذكرها كانتْ مفتوحة، فأصبحت
اليوم تحيط بها أسوار أسمنتية وشبكية، لكنها تغيَّرت عما كانت عليه؛ فالأشجار التي
كنا نذكرها أصبحت في الذكرى، وما استُبدل منها لم يكن بمُستوى جودة الثمار في تلك
الأيام التي عهدناها.
أَين أشجار الأمبا التي كانت تتدلَّى بعناقيد
الثمار اللذيذة؟ أين أشجار النبق الذي كنا نَتَسابق على جمعه، وهو أنواع؛ فهُناك: النبق
المكي ذو النواة الهشة؟ أين سدرة الحارة ذات النبق السكري؟ أين الخيار؟ أين الجزر؟
أين الوعا؟ أين البطيخ؟ أشجار الليمون والموز أصبحت معدومة، سبحان الله قد تغيَّرت
تلك الأرض عمَّا كانت مرسُومة في مخيلتنا أو عقلنا الباطن مُنذ أيام الطفولة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.