عملت الكثير من دُول العالم على إعادة هيكلة أو
هندسة القطاع العام، والتحول إلى نظم جديدة أكثر انفتاحا على آليات السوق؛ فالأنظمة
التقليدية القائمة على النظرية، والطابع البيروقراطي في أسلوب إدارة القطاع العام،
أصبحت اليوم لا تتوافق مع طبيعة العلاقة الجديدة مع المستفيدين من الخدمات التي
يقدمها القطاع العام.
فالقطاع العام في ظلِّ التوجهات الجديدة للإدارة
العامة ليس من مهمته إنتاج وتوريد السلع والخدمات؛ فقد أثبت الواقع والمُمارسة فشل
الكثير من المُؤسسات الحُكُومية في تحقيق تطلعات المُواطنين بتقديم الخدمات بأسلوب
أكثر كفاءة وفاعلية.
الدَّور الجديد للحُكُومة هو الاهتمام بأمور
التشريع والأمن والقيادة والتوجيه، ومتابعة وقياس الأداء، وتقديم الحوافز وتكريم
المُؤسسات المجيدة لتقديم أفضل ما لديها، إذن هُناك شركاء للحُكُومة في مسيرة
التنمية الإنسانية.
لهذا؛ فإنَّ التوجه الجديد هو الاعتماد على
القطاعين الخاص ومُؤسسات المُجتمع المدني، وتمكينهما من تنفيذ سياسات وإستراتيجيات
الحُكُومة التنموية؛ فتلك المُؤسسات اليوم مهيأة لتولي مُهمة التجديف بسفينة
التنمية، والبلوغ بها لتحقيق غاياتها ومقاصدها، وهي خدمة الإنسان.
كَمَا أن تلك المُؤسسات تعمل اليوم في بيئة
تنافسية بهدف التطوير والإبداع لمُنتجاتها، وفي طريقة أسلوب تقديم الخدمات
للمُواطنين؛ بهدف كسب رضاهم والمُحافظة على العُملاء، وهو ما يُساعد على خفض تكلفة
الإنتاج وتقديم الخدمات.
القطاع الخاص والمُنظمات الأهلية -في ظل هذا
التوجه الجديد للإدارة العامة- أكثر مرونة وقُربا وفاعلية في تقديم الخدمات بجودة
عالية وأداء متقن؛ لهذا من المُهم التفكير بجدية في الأخذ بالتوجهات الجديدة
للقطاع العام.
وَهُنا، أودُّ ذكر مقولة حكيمة لجلالة السلطان
قابُوس بن سعيد المُعظم -حفظه اللهُ ورعاه- حين قال: "إنَّ نجاح أية تنمية،
وإنجازها لمقاصدها، إنما هو عمل مشترك بين أطراف ثلاثة: الحُكُومة، والقطاع الخاص،
والمُواطنين، وعلى كل طرف من هذه الأطراف أن يتحمل واجباته بروح المسؤُولية، التي
لا ترقى الأمم في درجات التقدم والتطور إلا إذا تحلت بها، ولا تهوى في دركات
التخلف والتأخر إلا إذا تخلت عنها".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.